مشروع بقيمة 2.3 مليون دولار، ثمانية عشر شهراً من التخطيط الدقيق، موافقة جميع أصحاب المصلحة الرسميين، من مدير تكنولوجيا المعلومات إلى رئيس قسم التمريض.

كان المشروع يهدف لتنفيذ نظام جديد لإدارة المرضى في مستشفى يضم 400 سرير، وبدا أن كل شيء يسير وفقاً لـ “خطة لا تشوبها شائبة”.

وعند إطلاق النظام، حدث ما لم يكن في الحسبان، بلغت نسبة اعتماد النظام في المناوبة النهارية 89%، وهو نجاح باهر.

لكن في المناوبة الليلية، كانت النسبة 12% فقط. كانت كارثة لمدة ثلاثة أسابيع، لم يتمكن فريق المشروع من فهم السبب؛ فالنظام والتدريب والفوائد كانت متطابقة لكلا المناوبتين.

السبب لم يكن في التكنولوجيا أو الميزانية، كان السبب هو “جانيت”، مشرفة المناوبة الليلية البالغة من العمر 58 عاماً، والتي لم تكن مدرجة على أي قائمة رسمية لأصحاب المصلحة ولم تحضر أي اجتماع.

ببساطة، أخبرت “جانيت” فريقها أن هذا النظام الجديد هو “مجرد طريقة أخرى للإدارة لمراقبتنا واستبدالنا في النها…”. هذه المحادثة الجانبية في “الشبكة غير الرسمية” كلفت المشروع 340,000 دولار كخسائر في التدريب الإضافي وتأخير التنفيذ.

هذه القصة هي التجسيد الحي لإحصائية صادمة: 57% من جميع حالات فشل المشاريع تُعزى مباشرة إلى انهيار التواصل وهي السبب الجذري وراء الحكمة الأكثر شيوعاً في إدارة المشاريع: يقضي مديرو المشاريع 90% من وقتهم في التواصل.

لكن ماذا يعني هذا الرقم حقاً؟ هل هو مجرد رقم يُلقى في الدورات التدريبية، أم أنه الحقيقة التي يعيشها كل مدير مشروع يومياً؟ الأهم من ذلك، إذا كنت مديراً للمشروع، أو تطمح لتكون واحداً، فأين يذهب كل هذا الوقت؟ وكيف يمكنك التأكد من أن الـ 90% من وقتك تُنفق بفاعلية بدلاً من إطفاء الحرائق؟

في هذا الدليل الشامل، سنقوم بتشريح هذه الـ 90%، ونكشف عن الأنشطة الخفية التي تحدد نجاح المشروع أو فشله، ونقدم لك الأدوات اللازمة للسيطرة على هذه الفوضى المحورية.

مديرو المشاريع

“مفارقة الـ 90%”: لماذا يقضي مديرو المشاريع كل هذا الوقت في التواصل؟

قبل الغوص في “كيف” و “ماذا”، يجب ترسيخ “لماذا”. إن قضاء 90% من الوقت في التواصل ليس خياراً ترفيهياً، بل هو ضرورة استراتيجية تفرضها التكاليف الباهظة للفشل.

فك تشفير الإحصائية: هل هي حقيقة مثبتة أم حكمة مهنية؟

تُعد عبارة “يقضي مدير المشروع 90% من وقته في التواصل” حقيقة مألوفة لجميع محترفي إدارة المشاريع.

يتم ذكرها بشكل متكرر في سياق دليل إدارة المشاريع (PMBOK)، وأحياناً كنطاق يتراوح بين “75-90%”.

لكن المثير للاهتمام هو أن هذه “العبارات القوية” غالباً ما تُقدم “بدون مراجع” أو “بحث قائم على الأدلة” لدعمها بشكل مباشر. لقد أصبحت مقبولة كـ “معرفة شائعة” لأنها تعكس بدقة “الحقيقة الميدانية” والتجربة اليومية لآلاف مديري المشاريع.

سواء كان الرقم الدقيق 85% أو 95%، فإن الرسالة واضحة: التواصل هو النشاط المهيمن والأساسي الذي يشكل غالبية يوم مدير المشروع.

التكلفة الحقيقية لـ “الدقيقة الضائعة”: ماذا يحدث عندما يفشل التواصل؟

إذا كان 90% من الوقت هو “الاستثمار”، فإن الفشل في استثماره بحكمة له “تكلفة” كارثية.

التواصل غير الفعال ليس مجرد مصدر إزعاج؛ إنه الخطر المالي الأول على أي مشروع.

كشفت دراسة “نبض المهنة” (Pulse of the Profession) الصادرة عن معهد إدارة المشاريع (PMI) أن 135 مليون دولار تكون معرضة للخطر مقابل كل مليار دولار يُنفق على مشروع.

والأهم من ذلك، أن 56% من هذه المخاطرة الهائلة (أي 75 مليون دولار) تُعزى مباشرة إلى “التواصل غير الفعال”.

تدعم هذا بيانات أخرى:

  • يُعد “انهيار التواصل” السبب الجذري لـ 57% من حالات فشل المشاريع.
  • يعتبر التواصل غير الكافي أو السيئ “أكبر مساهم في فشل المشاريع”.
  • أفاد ما يصل إلى ثلث مديري المشاريع الذين شملهم الاستطلاع أن التواصل السيئ هو سبب مباشر لفشل مشاريعهم.

الخلاصة واضحة: قضاء 90% من الوقت في التواصل ليس مجرد جزء من الوظيفة؛ بل هو “الدفاع الأول” لمدير المشروع ضد هذه المخاطر المالية الهائلة.

وكما يشير معهد PMI، “إذا كنت لا تتواصل بشكل جيد، فأنت لا تدير المشروع بشكل جيد”.

تشريح الـ 90%: الأنشطة الخفية التي تستهلك وقت مدير المشروع

عندما تسمع “90% تواصل”، قد تتخيل نفسك تقضي اليوم كله في محادثات هاتفية لا نهاية لها.

لكن الواقع أكثر تعقيداً. هذه الـ 90% هي “العمل” الحقيقي لإدارة المشروع، مقسمة إلى مهام إدارية حرجة تُنفذ عبر التواصل.

المهمة الأولى: إدارة أصحاب المصلحة (Stakeholder Engagement)

يُنفق جزء كبير من وقتك كمدير مشروع على التواصل “الخارجي” أي مع أي شخص خارج الفريق الأساسي يتأثر بالمشروع (العملاء، الرعاة، الإدارة العليا، المستخدمون النهائيون).

لا يقتصر الأمر على إرسال تقارير الحالة. تشمل هذه المهمة ما يلي:

  • تحديد الاحتياجات: التواصل الأولي لفهم وتحديد توقعات أصحاب المصلحة بدقة.
  • بناء الثقة: التواصل المنتظم والشفاف لإبقاء أصحاب المصلحة على اطلاع ومستثمرين في نجاح المشروع.
  • إدارة التوقعات: التفاوض على المواعيد النهائية، وتوضيح النطاق، ومنع “زحف النطاق” (Scope Creep) قبل حدوثه.
  • تقديم التقارير: عقد اجتماعات منتظمة ومشاركة التقارير لضمان “المواءمة” (Alignment) المستمرة مع أهداف العمل.

شريان حياة الفريق: التنسيق، القيادة، وحل النزاعات

الجزء الآخر الكبير من الوقت يُخصص للتواصل “الداخلي” مع فريقك، أنت كمدير للمشروع، تمثل “محور التواصل” الذي يربط جميع الأجزاء المتحركة.

  • القيادة والتحفيز: لا يقتصر دورك على “إدارة” المهام، بل “قيادة” الأفراد. يتضمن ذلك تحفيز الفريق وبناء بيئة عمل تعاونية.
  • حل النزاعات: المشاريع بطبيعتها مليئة بالتوترات (حول الموارد، الأولويات، الأساليب الفنية). يُعد “حل النزاعات” مهمة تواصل أساسية. فإدارة النزاع أمر حاسم لنجاح المشروع.
  • التنسيق: ضمان أن الفريق الفني، وفريق ضمان الجودة، وفريق التسويق، جميعهم يعملون بتوافق تام. هذا يتطلب “تنسيق الفرق متعددة الوظائف لضمان المواءمة”.
  • إزالة العوائق: حماية الفريق من الانحرافات الخارجية وحل المشكلات اليومية التي تعترض طريقهم.

“العمل الحقيقي”: التخطيط، تتبع المخاطر، وإعداد التقارير

هنا يكمن سوء الفهم الأكبر يعتقد الكثيرون أن مهام مثل “التخطيط” و “إدارة المخاطر” هي “عمل فني” منفصل عن التواصل. في الواقع، هذه المهام هي أنشطة تواصل مكثفة.

  • تطوير الخطة: إن “خطة التواصل” (Communication Plan) نفسها هي نتاج تواصل مكثف يجب عليك كمدير مشروع أن تتواصل مع الجميع لتحديد: من يحتاج إلى أي معلومات؟ متى؟ وبأي تنسيق؟.
  • إدارة المخاطر: لا يمكنك تحديد المخاطر وأنت جالس في مكتبك. يتطلب الأمر “التواصل” عبر ورش عمل العصف الذهني، ومقابلة الخبراء، ومناقشة الاحتمالات مع الفريق.
  • جمع البيانات وإعداد التقارير: لا تظهر التقارير من العدم. أنت تقضي وقتاً طويلاً في “جمع وتحليل البيانات”، و “إنشاء رسائل التواصل”، و “توزيع التقارير” إلى الأشخاص المناسبين.

وحش الاجتماعات والبريد الإلكتروني: أين يذهب الوقت حقاً؟

إذن، أين “تحدث” كل هذه الأنشطة؟ الجواب يكمن في “وحش” الاجتماعات والبريد الإلكتروني.

وجدت دراسة أجرتها مايكروسوفت أن الموظفين يمكن أن يقضوا ما يعادل يومين كاملين في الأسبوع في الاجتماعات والبريد الإلكتروني.

بالتفصيل:

  • البريد الإلكتروني: يقضي المستخدمون الأكثر نشاطاً ما متوسطه 8.8 ساعة أسبوعياً في قراءة وكتابة رسائل البريد الإلكتروني.
  • الاجتماعات: يقضون ما متوسطه 7.5 ساعة أسبوعياً في الاجتماعات.

بالنسبة لمديري المشاريع، هذه الأرقام غالباً ما تكون أعلى. في أحد المنتديات المهنية، ذكر مدير برنامج أنه يقضي “6.5 ساعة يومياً في الاجتماعات” من الاثنين إلى الخميس.

هذه الـ 16+ ساعة أسبوعياً ليست “مضيعة للوقت”؛ إنها “المكان” الذي تحدث فيه إدارة أصحاب المصلحة، وتنسيق الفريق، وحل النزاعات.

يشعر العديد من الموظفين أن لديهم “وظيفتين”: وظيفتهم الفعلية، و “وظيفة التواصل” التي تقاطعها. بالنسبة لك كمدير مشروع، “وظيفة التواصل” هي وظيفتك الأولى.

أنت تمتص “عبء التواصل” (Communication Overhead) عن فريقك، مما يسمح للمطورين والمصممين بالتركيز على “العمل الحقيقي” الخاص بهم.

ماذا عن الـ 10% المتبقية؟ العلاقة بين المهام والتواصل

إذا كان 90% من الوقت مخصصاً للتواصل، فماذا يحدث في الـ 10% المتبقية؟ هذا هو الجزء الذي يكشف الطبيعة الحقيقية لإدارة المشاريع.

تحليل الـ 10%: التخطيط الفني، الميزانية، وإدارة الجودة

وفقاً لاستعلام تم توجيهه إلى “PMI Infinity” (أداة ذكاء اصطناعي تابعة لمعهد PMI)، تم تقسيم الـ 10% المتبقية من المهام “غير التواصلية” على النحو التالي:

  • التخطيط والجدولة (3%)
  • إدارة المخاطر (2%)
  • إدارة الجودة (1%)
  • إدارة الميزانية (1%)
  • إدارة الفريق (1%)
  • التوثيق وإعداد التقارير (1%)
  • إدارة المشتريات (1%)

للوهلة الأولى، تبدو هذه قائمة مهام فنية. لكن عند الفحص الدقيق، يظهر الارتباط الحقيقي.

يوضح الجدول التالي كيف أن هذه “المهام الفنية” (الـ 10%) تعتمد بشكل مطلق على “مهام التواصل” (الـ 90%).

جدول 1: تقسيم الـ 10% من المهام الفنية وعلاقتها بالتواصل

المهمة الفنية (الـ 10%) النسبة المقدرة الأنشطة الرئيسية كيف يُمكّنها التواصل (الـ 90%)
التخطيط والجدولة 3% تطوير الخطط، تحديد النطاق، تخصيص الموارد. لا يمكن تحديد النطاق دون التفاوض مع أصحاب المصلحة. لا يمكن تخصيص الموارد دون التنسيق مع مديري الأقسام.
إدارة المخاطر 2% تحديد المخاطر، تطوير استراتيجيات التخفيف. يتم تحديد المخاطر من خلال العصف الذهني و المقابلات (ورش العمل) مع الفريق والخبراء.
إدارة الفريق 1% قيادة الفريق، حل النزاعات، التحفيز. 100% من “حل النزاعات” و “التحفيز” هو تواصل مباشر.
إدارة الميزانية 1% مراقبة النفقات، ضمان البقاء ضمن الميزانية. يتم ذلك عن طريق التواصل مع المالية، مراجعة تقارير الموردين، و إبلاغ أصحاب المصلحة بالفروقات.
إدارة الجودة 1% ضمان تلبية المعايير، إجراء ضمان الجودة. يتطلب التواصل لتحديد معايير القبول (Acceptance Criteria) و الإبلاغ عن عدم المطابقة.
التوثيق وإعداد التقارير 1% الحفاظ على السجلات، إعداد التقارير. الـ 1% هي وقت الكتابة الفعلي. الـ 90% هي جمع المعلومات، تلخيصها، و توزيعها.
إدارة المشتريات 1% إدارة العقود، الإشراف على الموردين. يتم ذلك بالكامل تقريباً من خلال التفاوض و التواصل المستمر مع الموردين.

الرؤية الكاشفة: لماذا الـ 10% تعتمد كلياً على الـ 90%

كما أشار أعضاء منتدى PMI بحق، هذه المهام ليست “منفصلة” أو “متنافية” (Mutually Exclusive). الـ 10% هي “الناتج” (The Output)، والـ 90% هي “العملية” (The Process) لإنشاء هذا الناتج.

  • لا يمكنك تنفيذ الـ 2% من “إدارة المخاطر” دون الـ 90% من التواصل (عقد ورش عمل، إجراء مقابلات، تسهيل النقاشات).
  • لا يمكنك تنفيذ الـ 1% من “إدارة الفريق” (مثل حل النزاعات) دون الـ 90% من التواصل (الاستماع النشط، الوساطة).
  • الـ 1% من “التوثيق” هي مجرد فعل الكتابة. لكن الـ 90% هي فعل جمع المعلومات وتلخيصها وتوزيعها ومناقشتها.

الـ 10% هي “رأس جبل الجليد” (الوثائق، الخطط، الميزانيات) الـ 90% هي الكتلة الجليدية الضخمة تحت الماء (الاجتماعات، رسائل البريد الإلكتروني، المفاوضات، القيادة) التي تجعل الـ 10% ممكنة وذات قيمة.

“صندوق أدوات” مدير المشروع للتحكم في فوضى التواصل

بما أن التواصل هو النشاط الأكثر أهمية واستهلاكاً للوقت، فإن نجاحك لا يكمن في “التواصل أكثر”، بل في “التواصل بذكاء” يتطلب هذا مجموعة أدوات من المهارات والأساليب.

المهارة رقم 1 التي يتجاهلها الجميع: قوة الاستماع النشط

التواصل لا يقتصر على “التحدث” أو “إرسال” المعلومات، الفشل في الاستماع هو أصل العديد من المشاكل.

الاستماع النشط (Active Listening) هو “مهارة قيادية حاسمة” تتجاوز مجرد السمع، لتشمل الفهم والتفسير والتقييم.

فوائد الاستماع النشط لك كمدير للمشروع:

  • بناء الثقة: يُظهر للفريق وأصحاب المصلحة أن آراءهم محل تقدير واحترام.
  • اتخاذ قرارات أفضل: يتيح لك جمع المعلومات اللازمة من “الخبراء المقيمين” (أي الفريق) لاتخاذ قرارات مستنيرة ومتوازنة.
  • حل النزاعات: يساعد على فهم وجهات النظر المتعددة وإيجاد حلول بناءة.
  • اكتشاف المخاطر: هو الأداة الوحيدة لاكتشاف “المخاوف غير المعلنة” والقضايا الخفية قبل أن تتفاقم.

تشير إحدى الإحصائيات إلى أن 28% من الموظفين يعتقدون أن مديريهم يمكن أن يتحسنوا ببساطة عن طريق “البحث بنشاط عن ملاحظاتهم”.

اختيار الأسلوب المناسب: تفاعلي، دفع، أم سحب؟

لا يجب التعامل مع جميع المعلومات بنفس الطريقة، يجب عليك كمدير مشروع اختيار “التقنية” الصحيحة لنقل الرسالة بفعالية.

جدول 2: مصفوفة اختيار أساليب التواصل (Interactive vs. Push vs. Pull)

الأسلوب التعريف أمثلة متى يُستخدم؟
تفاعلي (Interactive) اتصال ثنائي الاتجاه فوري. يتم الاعتراف بالمعلومات ومعالجتها على الفور. اجتماعات (شخصية أو فيديو)، مكالمات هاتفية، مؤتمرات الفيديو. المعلومات الحساسة أو الهامة، العصف الذهني، بناء الإجماع، حل المشكلات المعقدة.
دفع (Push) إرسال معلومات إلى مستلمين محددين دون توقع رد فوري. رسائل البريد الإلكتروني، النشرات الإخبارية، التقارير، المذكرات، الخطط. التحديثات غير العاجلة، الإعلانات، مشاركة كميات كبيرة من المعلومات أو التوثيق.
سحب (Pull) إتاحة المعلومات ليتم الوصول إليها من قبل الجمهور حسب الحاجة (عند الطلب). قواعد المعرفة (Knowledge Base)، مواقع الويكي (Wiki)، لوحات معلومات المشروع، مواقع الويب. الشفافية، إتاحة المعلومات المرجعية، تمكين الفريق وأصحاب المصلحة من إيجاد الإجابات بأنفسهم.

التوازن بين السرعة والتوثيق: التواصل المتزامن مقابل غير المتزامن

هذا هو التحدي الأكبر في بيئات العمل الحديثة والهجينة. اختيار “الوضع” الخاطئ هو السبب الرئيسي لمتلازمة “هذا الاجتماع كان يمكن أن يكون بريداً إلكترونياً”.

  • التواصل المتزامن (Synchronous): يحدث في الوقت الفعلي. يتبادل الطرفان المعلومات في نفس اللحظة.
  • التواصل غير المتزامن (Asynchronous): يوجد تأخير (Lag) بين إرسال الرسالة وتفسيرها.

جدول 3: المتزامن مقابل غير المتزامن: اختيار الوضع الصحيح

الوضع التعريف أمثلة الإيجابيات متى يُستخدم؟
متزامن (Synchronous) تبادل فوري في الوقت الفعلي. اجتماعات الفيديو (مثل Zoom)، المكالمات الهاتفية، الاجتماعات الشخصية، الدردشة الفورية (عند استخدامها للرد الفوري). سرعة اتخاذ القرار، بناء العلاقات، نقل الفروق الدقيقة (النبرة، لغة الجسد). القضايا الحساسة، العصف الذهني، الأزمات، الاجتماعات التأسيسية (Kickoffs)، حل المشكلات المعقدة.
غير متزامن (Asynchronous) يوجد تأخير بين الإرسال والاستجابة. البريد الإلكتروني، أدوات إدارة المشاريع (مثل Asana)، مستندات جوجل، قواعد المعرفة (مثل Confluence)، رسائل الفيديو. التوثيق، احترام المناطق الزمنية المختلفة، إتاحة وقت “للتفكير العميق” قبل الرد. القرارات الاستراتيجية الكبرى، التحديثات، أي شيء لا يتطلب رداً فورياً، مشاركة المعلومات للمراجعة.

الشبكة الرسمية مقابل الشبكة غير الرسمية (درس “جانيت”)

أخيراً، يجب عليك كمدير مشروع أن تدرك وجود شبكتي تواصل تعملان بالتوازي:

  1. التواصل الرسمي (Formal): منظم، موثق، ويتبع التسلسل الهرمي. يشمل التقارير، خطط المشروع، ورسائل البريد الإلكتروني الرسمية.
  2. التواصل غير الرسمي (Informal): عفوي، قائم على العلاقات، وشفهي غالباً. يشمل محادثات الممر، الدردشة الجانبية في Slack، وغداء الفريق.

كما رأينا في قصة “جانيت”، كان التواصل الرسمي للمشروع مثالياً، لكن التواصل غير الرسمي دمره.

لا يمكنك “إدارة” الشبكة غير الرسمية، ولكن يجب عليك “الاستماع” إليها و “التأثير” فيها.

يجب عليك كمدير مشروع ذكي قضاء جزء من الـ 90% من وقتك في الاستماع إلى هذه القنوات غير الرسمية لفهم ما يعتقده الفريق حقاً وضمان استلام الرسائل الرسمية بالشكل الصحيح.

التكنولوجيا كحل: أفضل أدوات التواصل لمديري المشاريع في 2025

لإدارة هذا العبء الهائل، تعتمد أنت كمدير مشروع على التكنولوجيا، لكن التحدي الحديث ليس “نقص” الأدوات، بل “فوضى الأدوات” (Tool Sprawl).

قد يستخدم فريقك Jira للمهام، و Slack للدردشة، و Confluence للتوثيق، و Outlook للبريد الإلكتروني. هذا “التجزؤ” يجبرك على العمل كـ “مترجم” بشري بين المنصات، مما يزيد من عبء الـ 90%.

الحل يكمن في تصنيف الأدوات حسب وظيفتها:

النوع 1: منصات إدارة المشاريع المتكاملة (مركز الحقيقة)

وظيفتها هي دمج التواصل مع المهام لتقليل الاعتماد على البريد الإلكتروني وإنشاء “مصدر واحد للحقيقة”.

  • ClickUp: يُوصف بأنه “الحل الشامل” الذي يدمج المهام والمستندات والدردشة. ومع ميزات مثل ClickUp Brain، يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة كتابة ملخصات التقدم وإنشاء الردود، مما يقلل من عبء التواصل اليدوي.
  • Asana: يركز على “العمل الجماعي والتواصل بين الفريق” وتتبع التقدم بشكل مرئي.
  • Wrike: يُشار إليه كخيار قوي لـ “إدارة أصحاب المصلحة”.
  • Jira: الأداة القياسية لفرق تطوير البرمجيات التي تتبع منهجيات رشيقة (Agile).

النوع 2: منصات التواصل المخصصة (الطبقة السريعة)

وظيفتها هي تسهيل التواصل السريع، المتزامن، وغير الرسمي.

  • Slack: يُعتبر “الأفضل بشكل عام” للتواصل الداخلي، بفضل قدرته على تنظيم المحادثات في قنوات.
  • Microsoft Teams: خيار قوي للشركات المدمجة بعمق في نظام مايكروسوفت البيئي.
  • Chanty: أداة جيدة للفرق التي تبحث عن “إدارة مهام مدمجة” داخل الدردشة.

إن ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي في منصات مثل ClickUp هو استجابة مباشرة لمشكلة “فوضى الأدوات”. الهدف هو أتمتة مهام “تجميع” و “تلخيص” التواصل، مما يحررك كمدير مشروع للتركيز على التواصل البشري عالي القيمة: التفاوض، حل النزاعات، والقيادة.

يقضي مديرو المشاريع 90 من وقتهم في التواصل

الخاتمة: التواصل ليس 90% من الوظيفة، بل هو الوظيفة.

إن إحصائية الـ 90% ليست مجرد رقم مبالغ فيه، بل هي انعكاس دقيق لواقع إدارة المشاريع، لقد رأينا أن تجاهل هذا الواقع له تكلفة مالية باهظة، حيث يُعد سوء التواصل السبب الجذري لأكثر من نصف المشاريع الفاشلة.

هذه الـ 90% ليست “محادثات فارغة”؛ إنها “العمل” الحقيقي لإدارة أصحاب المصلحة، وتنسيق الفرق، وتحديد المخاطر، وإعداد التقارير.

والأهم من ذلك، أن الـ 10% المتبقية من المهام الفنية (كالتخطيط والميزانية) هي في الواقع نتيجة مباشرة للـ 90% من التواصل الناجح.

النجاح بالنسبة لك لا يكمن فقط في “التحدث” أكثر، بل في التواصل “بذكاء” من خلال الاستماع النشط، واختيار الأسلوب المناسب (دفع، سحب، تفاعلي)، والوضع الصحيح (متزامن أو غير متزامن).

في النهاية، التواصل ليس مجرد جزء من وظيفة مدير المشروع، إنه نظام التشغيل (Operating System) الذي يعمل عليه كل شيء آخر، إنه ليس 90% من الوظيفة؛ بل هو الوظيفة.

  1. للتطبيق الفوري: ابدأ الآن. قم بتحليل أسبوعك: كم من وقتك تقضيه في التواصل المتزامن مقابل غير المتزامن؟ كم عدد “الاجتماعات التفاعلية” الحقيقية التي عقدتها، مقابل اجتماعات “الدفع” التي كان يمكن أن تكون بريداً إلكترونياً؟
  2. للتخطيط الاستراتيجي: ابدأ في تنظيم فوضى التواصل. استكشف قوالب خطة التواصل مع أصحاب المصلحة، أو قم بتقييم إحدى أدوات إدارة المشاريع المتكاملة لمركزية محادثات فريقك اليوم.

الأسئلة الشائعة حول تواصل مديري المشاريع

كم يقضي مدير المشروع من وقته في التواصل حقاً؟

تتفق معظم المصادر، بما في ذلك معهد إدارة المشاريع (PMI)، على أن مديري المشاريع يقضون حوالي 90% من وقتهم في أنشطة التواصل المختلفة.

ما هي أهم مهارة تواصل لمدير المشروع؟

على الرغم من أهمية التحدث والكتابة، يُعتبر “الاستماع النشط” المهارة الأكثر أهمية. فهو أساس بناء الثقة، وفهم الاحتياجات الحقيقية، واكتشاف المخاطر الخفية، وحل النزاعات بفعالية.

ما هو السبب الأول لفشل المشاريع؟

تشير الدراسات إلى أن السبب الجذري لنسبة تصل إلى 57% من حالات فشل المشاريع هو “انهيار التواصل” أو التواصل غير الفعال.

ما هي المهام “غير التواصلية” التي تشكل 10% من وقت مدير المشروع؟

تشمل هذه الـ 10% مهام فنية مثل التخطيط والجدولة (3%)، وإدارة المخاطر (2%)، وإدارة الجودة (1%)، وإدارة الميزانية (1%)، والتوثيق (1%)، وإدارة المشتريات (1%). ومع ذلك، تعتمد كل هذه المهام بشكل كبير على أنشطة التواصل لإنجازها.

ما الفرق بين التواصل المتزامن وغير المتزامن؟

التواصل المتزامن يحدث في الوقت الفعلي (مثل اجتماع عبر الفيديو أو مكالمة هاتفية). التواصل غير المتزامن يحدث مع تأخير زمني (مثل إرسال بريد إلكتروني أو تحديث مهمة في أداة إدارة المشاريع).

ما هي أساليب التواصل الرئيسية الثلاثة في إدارة المشاريع؟

الأساليب الثلاثة هي: 1) تفاعلي (ثنائي الاتجاه، مثل اجتماع)، 2) دفع (أحادي الاتجاه، مثل إرسال تقرير عبر البريد الإلكتروني)، و 3) سحب (إتاحة المعلومات للوصول إليها عند الحاجة، مثل قاعدة بيانات أو موقع ويكي للمشروع).

ما هي “خطة التواصل” (Communication Plan)؟

هي وثيقة أساسية في إدارة المشروع تحدد من يحتاج إلى أي معلومات، ومتى يحتاجها، وبأي تنسيق أو قناة سيتم إيصالها، ومن المسؤول عن إيصالها.

هل قضاء الوقت في الاجتماعات والبريد الإلكتروني هو “العمل” الحقيقي للمدير؟

نعم. تشير الدراسات إلى أن مديري المشاريع يقضون ساعات طويلة أسبوعياً في الاجتماعات (7.5+ ساعات) والبريد الإلكتروني (8.8+ ساعات). هذه ليست مقاطعات عن العمل، بل هي “المكان” الذي يتم فيه تنفيذ العمل الحقيقي لإدارة أصحاب المصلحة، وتنسيق الفريق، وحل المشكلات.
إظهار التعليقاتإغلاق التعليقات

اترك تعليقا