تخيل هذا السيناريو.
يبدأ بسرد قصة مقنعة.
ربما يدعي أنه سائح من بلد آخر، وقد تقطعت به السبل.
أو قد يخبرك أنه فقد محفظته ويحتاج فقط إلى المال للوقود للعودة إلى عائلته.
كدليل على “حسن النية”، يعرض عليك خاتماً ثقيلاً ولامعاً أو سلسلة ضخمة.
والقطعة مختومة بختم واضح “18K”.
يعرضها عليك مقابل جزء بسيط من قيمتها الحقيقية.أنت تمسك بالقطعة في يدك.
إنها ثقيلة.
تبدو أصلية بالتأكيد.
فتقرر مساعدته وفي نفس الوقت الحصول على ما تظنه “صفقة العمر”كما اكتشف الكثيرون بالطريقة الصعبة، هذه الثقة هي بالضبط ما يعتمد عليه المحتالون.
هذا الخوف من الغش، سواء من عملية احتيال واضحة في الشارع أو من عملية تزييف متقنة عبر الإنترنت، هو ما يحول قطعة مجوهرات جميلة إلى مصدر قلق دائم.
إنه يحول الاستثمار الآمن الذي تضعه في الذهب إلى مقامرة محفوفة بالمخاطر.المشكلة أن عمليات الغش في الذهب لم تعد تقتصر على طلاء النحاس خفيف الوزن.
لقد أصبح المقلدون أكثر ذكاءً.
يستخدمون الآن معادن لها نفس “ثقل” الذهب تقريباً.
هذا يجعل التمييز باللمس أو “الشعور” شبه مستحيل.
هذا المقال هو دليلك العلمي والعملي لتحويل الشك إلى يقين.
لن نعتمد على “اللمعان” أو “الثقل” المُضلل.
بل سنعتمد على قانون فيزيائي ثابت لا يرحم: “الكثافة”.
سيوضح لك هذا الدليل كيف يمكن لأي شخص أن يصبح خبيراً في فحص الذهب من منزله، مسلحاً بالعلم والأدوات البسيطة فقط.
ما هي كثافة الذهب؟
التعريف العلمي المبسط للكثافة (بعيداً عن تعقيدات الفيزياء)
بعيداً عن المصطلحات المعقدة في صف الفيزياء، الكثافة ببساطة هي مقياس لـ “مدى ازدحام” المادة.
إنها تُعرَّف علمياً بأنها الكتلة (الوزن) لكل وحدة حجم (المساحة التي تشغلها المادة).
عندما يُذكر أن “كثافة الذهب” الخالص (عيار 24 قيراط) هي 19.32جرام سنتيمتر مكعب g/cm، فهذا يعني شيئاً محدداً للغاية.
تخيل مكعباً صغيراً من الذهب بحجم مكعب سكر (الذي يبلغ حجمه 1 سنتيمتر مكعب).
هذا المكعب الصغير سيزن 19.32 جرام.
للمقارنة، فإن نفس المكعب تماماً إذا كان مصنوعاً من الماء سيزن 1 جرام فقط.
هذا الثقل الاستثنائي، وهذا “التكدس” الذري، هو أحد أهم الخصائص الفيزيائية التي تميز الذهب وتجعله ثميناً.
وهي أيضاً العلامة الأولى والأكثر أهمية للتحقق من أصالته.
الكثافة مقابل القيراط (Density vs. Karat)
هنا يقع معظم الناس في الخطأ.
كثيرون يخلطون بين مفهومي الكثافة والقيراط، أو يعتقدون أنهما وجهان لعملة واحدة.
التمييز بينهما ضروري جداً لفهم عملية التحقق من أصالة الذهب.
- القيراط (Karat): هو مقياس “للنقاء” فقط.
إنه يخبرك بنسبة الذهب الخالص الموجودة في سبيكة معينة.
على سبيل المثال، الذهب عيار 24 قيراط هو ذهب نقي بنسبة 99.9%.
بينما الذهب عيار 18 قيراط يعني أن القطعة تحتوي على 75% فقط من الذهب الخالص و 25% من معادن أخرى. - الكثافة (Density): هي خاصية فيزيائية مطلقة.
إنها لا تخبرك بالنسب المئوية بشكل مباشر، بل تخبرك بوزن المادة في حجم معين.
العلاقة بينهما سببية ومباشرة.
يتم خلط الذهب (الكثيف جداً) بمعادن أخرى (مثل النحاس والفضة) لصنع سبائك القيراط الأقل.
الهدف هو زيادة الصلابة (فالذهب الخالص لين جداً) أو لتغيير اللون.
هذه المعادن المضافة مثل النحاس (كثافته 8.96 g/cm3) والفضة (كثافتها 10.5 g/cm3) هي أخف وزناً بكثير من الذهب.
ونتيجة لذلك، كلما انخفض القيراط (أي زادت نسبة المعادن الخفيفة في السبيكة)، انخفضت الكثافة الإجمالية للقطعة.
هذا يعني أن اختبار الكثافة لا يخبرك فقط “هل هذا ذهب أم لا؟”.
بل يمكن أن يخبرك بدقة “هل هذا الخاتم هو فعلاً عيار 18 كما يدعي الختم، أم أنه عيار 14 مخادع؟”.
الدليل المرجعي: جدول كثافة الذهب حسب العيار
لماذا تختلف كثافة الذهب عيار 18؟ (الذهب الأصفر مقابل الأبيض)
قبل عرض الجدول المرجعي، من الضروري فهم نقطة دقيقة تسبب ارتباكاً كبيراً.
الكثافة ليست رقماً ثابتاً تماماً لكل عيار (باستثناء عيار 24 الخالص).
لنأخذ عيار 18 كمثال.
هو دائماً 75% ذهب خالص.
لكن الـ 25% المتبقية (المعادن المضافة) تختلف بناءً على اللون المطلوب:
- الذهب الأصفر (Yellow Gold): يُخلط عادةً بالنحاس والفضة، وهما معدنان خفيفان نسبياً كما ذكرنا.
- الذهب الأبيض (White Gold): لكي يكتسب لونه الأبيض، يُخلط الذهب بمعادن أثقل وأكثر بياضاً مثل البلاديوم (كثافته 12.0 g/cm3) أو النيكل أو حتى البلاتين أحياناً (كثافته 21.4 g/cm3).
لهذا السبب، فإن كثافة الذهب الأبيض عيار 18 (التي تتراوح بين 14.7 إلى 16.9 g/cm3) يمكن أن تكون مختلفة بشكل ملحوظ عن كثافة الذهب الأصفر عيار 18 (التي تتراوح بين 15.2 إلى 15.9 g/cm3).
عدم معرفة هذا الفارق الدقيق قد يقودك إلى الاعتقاد الخاطئ بأن قطعة من الذهب الأبيض الأصلي مزيفة.
قد تظنها مزيفة لمجرد أن كثافتها لا تتطابق مع كثافة الذهب الأصفر من نفس العيار.
الكثافة المرجعية للذهب حسب العيار واللون
هذا الجدول يجمع البيانات من عدة مصادر ليكون مرجعك السريع.
تذكر أن هذه الأرقام هي نطاقات تقريبية (باستثناء عيار 24).
والسبب أن التركيب الدقيق للسبائك يختلف من مُصنّع لآخر.
| العيار (القيراط) | نسبة النقاء (٪) | النوع | الكثافة التقريبية ($g/cm^3$) |
|---|---|---|---|
| 24 قيراط | 99.9% | ذهب خالص | 19.3 – 19.32 |
| 22 قيراط | 91.6% | سبيكة (أصفر/أحمر) | 17.7 – 17.8 |
| 18 قيراط | 75% | ذهب أصفر | 15.2 – 15.9 |
| 18 قيراط | 75% | ذهب أبيض | 14.7 – 16.9 |
| 14 قيراط | 58.5% | سبيكة (أصفر/أبيض) | 12.9 – 14.6 |
| 9 قيراط | 37.5% | سبيكة | 10.9 – 12.7 |
كيف تحسب كثافة الذهب في منزلك؟
المشكلة التي تواجهنا واضحة.
لحساب الكثافة، نحتاج إلى “الكتلة” (الوزن) و “الحجم”.
فالمعادلة هي: الكثافة = الكتلة / الحجم.
قياس الكتلة سهل.
يمكنك استخدام ميزان رقمي.
ولكن كيف تقيس حجم خاتم أو قطعة مجوهرات ذات شكل غير منتظم؟
لا يمكنك استخدام المسطرة.
هنا يأتي دور العبقري اليوناني أرخميدس ومبدأه الشهير.
ينص المبدأ ببساطة على أنه عندما تغمر جسماً بالكامل في مائع (مثل الماء)، فإن حجم الماء الذي يزيحه (أي مقدار ارتفاع مستوى الماء) يساوي تماماً حجم هذا الجسم.
هذا الاكتشاف، الذي يرجع تاريخه إلى أكثر من ألفي عام، يمنحنا طريقة بسيطة ومباشرة لقياس “حجم” أي قطعة، مهما كان شكلها معقداً، باستخدام كوب من الماء فقط.
الأدوات التي ستحتاجها (ميزانية بسيطة)
لإجراء الاختبار، لن تحتاج إلى مختبر متطور، بل إلى أدوات بسيطة جداً:
- ميزان رقمي دقيق: هذا هو العنصر الأهم.
لا ينفع ميزان المطبخ العادي.
أنت بحاجة إلى ميزان مجوهرات يقيس بدقة تصل إلى 0.01 جرام (جزء من مئة من الجرام).
الدقة الأقل ستؤدي إلى نتائج حسابية كارثية. - كوب من الماء: أي وعاء عميق بما يكفي لغمر القطعة الذهبية بالكامل دون أن تلمس الجوانب أو القاع.
- أسطوانة مدرجة (Graduated Cylinder): أو أي وعاء شفاف ضيق عليه علامات قياس بالملليلتر (mL).
هذا مطلوب للطريقة الأولى.
تذكر أن (1 ملليلتر = 1 سنتيمتر مكعب). - خيط رفيع: لتعليق القطعة في الماء (مطلوب للطريقة الثانية الأكثر دقة).
الطريقة الأولى: اختبار إزاحة الماء (للقطع الكبيرة والواضحة)
هذه هي الطريقة المباشرة لتطبيق مبدأ أرخميدس.
وهي الأنسب للقطع الكبيرة كفاية لإحداث تغيير واضح يمكن قراءته في مستوى الماء.
- وزن الذهب جافاً: ضع قطعة الذهب على الميزان الدقيق وسجل وزنها.
هذه هي “الكتلة”.
(مثال: الكتلة = 60 جرام). - قياس الماء الأولي: املأ الأسطوانة المدرجة بكمية كافية من الماء لغمر القطعة.
سجل مستوى الماء الأولي بدقة.
(مثال: المستوى الأولي = 50 مل). - غمر الذهب: اغمر قطعة الذهب بالكامل وبلطف في الماء.
تأكد من عدم طرطشة أي ماء للخارج. - قياس الماء النهائي: سيرتفع مستوى الماء بسبب إزاحة الذهب له.
سجل مستوى الماء الجديد بدقة.
(مثال: المستوى النهائي = 53.9 مل). - حساب الحجم: الحجم (بالـ cm3) = (المستوى النهائي) – (المستوى الأولي).
(مثال: 53.9 مل – 50 مل = 3.9 مل، وهو ما يساوي 3.9 cm3). - المعادلة النهائية: الكثافة = الكتلة / الحجم.
(مثال: 60 جرام / 3.9 cm3 15.38 = g/cm3).
تحليل النتيجة: بالعودة إلى الجدول (1) أعلاه، نجد أن القيمة 15.38 تقع تماماً ضمن النطاق المسجل للذهب الأصفر عيار 18 (15.2 – 15.9 g/cm3).
هذا مؤشر قوي جداً على أن القطعة أصلية وعيارها 18.
الطريقة الثانية (الأكثر دقة): اختبار الوزن النوعي (Specific Gravity)
هذه الطريقة هي المفضلة، وهي أكثر دقة، خاصة للقطع الصغيرة مثل الخواتم.
والسبب أنها تتجنب الخطأ البشري الناتج عن محاولة قراءة التغير الطفيف جداً في مستوى الماء بصرياً.
بدلاً من ذلك، تعتمد هذه الطريقة بالكامل على الميزان الدقيق لإجراء قياسين.
- الوزن في الهواء: قم بوزن قطعة الذهب كالمعتاد على الميزان الدقيق.
سجل هذا الرقم.
(مثال: الوزن في الهواء = 45 جرام). - تجهيز الميزان: ضع كوب الماء على سطح الميزان.
- تصفير الميزان (Tare): اضغط على زر “Tare” أو “Zero” في الميزان.
هذا يجعل الميزان يتجاهل وزن الكوب والماء، ويقرأ “0.00”. - الوزن في الماء: اربط القطعة بالخيط الرفيع.
أمسك الخيط بيدك واغمر القطعة بالكامل في الماء.
تأكد تماماً من أنها لا تلمس قاع الكوب أو جوانبه.
يجب أن تكون القطعة معلقة بحرية ومغمورة بالكامل.
الرقم الذي سيظهر على الميزان الآن هو “الوزن الظاهري” أو “قوة الطفو” (وهو يساوي وزن الماء المزاح).
سجل هذا الرقم.
(مثال: القراءة في الماء = 2.9 جرام). - المعادلة السحرية: الكثافة (أو الوزن النوعي) = (الوزن في الهواء) / (القراءة التي ظهرت في الماء).
- الحساب: 45 جرام / 2.9 جرام = 15.51 g/cm3.
تحليل النتيجة: مرة أخرى، القيمة 15.51 تقع في قلب نطاق الذهب الأصفر عيار 18.
هذه الطريقة، عند إجرائها بميزان دقيق (0.01 جرام)، هي من أفضل وأدق الطرق المنزلية لتحديد الأصالة والعيار.
“مشكلة التنغستن” التي خدعت الخبراء (متى يفشل اختبار الكثافة)
لماذا التنغستن هو “الشبيه الشرير” للذهب؟
هذا هو الجزء الأكثر أهمية في الدليل بأكمله.
وهو موجه خصيصاً لمشتري السبائك والمستثمرين في الخليج.
إذا كانت الاختبارات السابقة تبدو سهلة ومضمونة، فهنا يكمن الفخ الذي خدع حتى بعض الخبراء.
المشكلة تكمن في معدن يسمى التنغستن (Tungsten).
هذا المعدن، الذي يُعرف أيضاً باسم (Wolfram)، يمتلك خاصية فيزيائية تجعله الشبيه المثالي للذهب.
كثافته تتراوح بين 19.25 إلى 19.3 g/cm3.
هذه الكثافة مطابقة تقريباً، إن لم تكن متطابقة تماماً، مع كثافة الذهب الخالص (19.32).
عملية التزييف الاحترافية لا تتم ببيعك سبيكة من التنغستن المطلي بالذهب.
بل ببيع سبيكة ذهب حقيقي تم حفرها ببراعة من الداخل، وحشوها بقضيب من التنغستن، ثم إعادة إغلاقها ببراعة لا تترك أثراً.
عندما يقوم المستثمر بإجراء اختبار الكثافة (بأي من الطريقتين المذكورتين أعلاه) على هذه السبيكة، ستكون النتيجة كارثية.
سيعطيه الاختبار قراءة مثالية تبلغ 19.3 g/cm3.
سيعتقد المشتري أن السبيكة أصلية بنسبة 100%، بينما قد يكون 40% أو أكثر من وزنها مجرد تنغستن رخيص القيمة.
الخلاصة الواضحة: اختبار الكثافة المعتمد على مبدأ أرخميدس، رغم فعاليته الساحقة ضد المعادن الرخيصة، هو عديم الفائدة تماماً ضد عمليات التزييف الاحترافية باستخدام حشوات التنغستن.
الذهب مقابل المعادن المزيفة الشائعة (دليل المقارنة)
يوضح هذا الجدول بشكل بصري سبب كون التنغستن هو الخطر الأكبر، بينما يسهل كشف المعادن الأخرى.
| المعدن | الكثافة (g/cm3) | مقارنة بالذهب (19.32) | هل يكشفه اختبار الكثافة؟ |
|---|---|---|---|
| الذهب (خالص) | 19.32 | – | – |
| التنغستن (Wolfram) | ~19.3 | مطابق تقريباً! | لا، هذا هو الخطر |
| البلاتين | ~21.45 | أثقل | نعم |
| الرصاص | ~11.34 | أخف بكثير | نعم |
| الفضة | ~10.5 | أخف بكثير | نعم |
| النحاس | ~8.96 | أخف بكثير | نعم |
كيف تكشف الذهب المحشو بالتنغستن؟ (الطرق الاحترافية)
ما بعد الكثافة: اختبار الخصائص التي لا يمكن تزييفها
بما أن الكثافة يمكن مطابقتها، يجب على المحترفين الانتقال إلى اختبار خصائص فيزيائية أخرى.
خصائص تختلف جذرياً بين الذهب والتنغستن.
الطريقة الأولى (الأفضل): اختبار الموجات فوق الصوتية (Ultrasonic Test)
هذه هي الطريقة المعتمدة في البنوك وعند كبار تجار السبائك لكشف السبائك المحشوة.
يعمل الجهاز عن طريق إرسال موجات صوتية عالية التردد عبر السبيكة.
ثم يقيس “سرعة” ارتداد هذه الموجات من السطح السفلي.
الاختلاف هنا هائل ولا يمكن إخفاؤه:
- سرعة الصوت في الذهب: 3,240 متر ثانية.
- سرعة الصوت في التنغستن: 5,174 متر ثانية.
هذا الفارق (التنغستن أسرع بأكثر من 50%) يكشف التزييف فوراً.
علاوة على ذلك، إذا كانت السبيكة محشوة، سترتد بعض الموجات الصوتية عن السطح الداخلي (مكان التقاء الذهب بالتنغستن)، مما يخلق “صدى” إضافي يكشف وجود طبقات داخلية غريبة.
الطريقة الثانية: اختبار التوصيل الكهربائي (Electrical Conductivity)
الذهب هو واحد من أفضل موصلات الكهرباء في العالم (لهذا يُستخدم في الإلكترونيات).
على النقيض من ذلك، فإن التنغستن، رغم كثافته، هو موصل ضعيف جداً للكهرباء مقارنة بالذهب.
الأجهزة المتخصصة التي تقيس المقاومة أو التوصيل الكهربائي يمكنها كشف هذا الفرق على الفور.
الطريقة الثالثة (الأقل فعالية): الأشعة السينية (XRF)
تستخدم العديد من متاجر الذهب أجهزة XRF (محلل مضان الأشعة السينية).
هذه الأجهزة ممتازة لتحديد عيار الذهب على السطح.
لكن مشكلتها تكمن في أنها تقيس السطح الخارجي فقط.
إذا كانت السبيكة مطلية بطبقة سميكة من الذهب الحقيقي (عيار 24)، سيعطي جهاز XRF قراءة “أصلية”، بينما القلب الداخلي مصنوع من التنغستن.
لذلك، لا يمكن الاعتماد على XRF وحده لفحص السبائك الاستثمارية.
اختبارات سريعة (لكن غير قاطعة) لكشف التزييف الواضح
هذه الاختبارات ممتازة كخط دفاع أول.
إنها تكشف التزييف الرخيص والواضح (مثل النحاس المطلي) بسرعة.
لكن لا يجب الاعتماد عليها وحدها لتأكيد الأصالة بشكل قاطع.
اختبار المغناطيس (الأسرع على الإطلاق)
الذهب معدن غير مغناطيسي.
- الخطوة: استخدم مغناطيس قوي (يفضل مغناطيس النيوديميوم النادر) وقربه من القطعة.
- النتيجة: إذا انجذبت القطعة إلى المغناطيس، فهي مزيفة 100% (تحتوي على حديد أو نيكل).
- تحذير: إذا لم تنجذب القطعة، فهذا لا يعني أنها أصلية.
فالمعادن الشائعة المستخدمة في التزييف مثل النحاس، الرصاص، الألومنيوم، والتنغستن هي أيضاً غير مغناطيسية.
هذا الاختبار “ينفي ولا يؤكد”.
اختبار الخل أو الليمون (الاختبار الحمضي المنزلي)
الذهب هو “معدن نبيل”، ما يعني أنه خامل كيميائياً ولا يتفاعل مع الأحماض الضعيفة.
- الخطوة: ضع قطرة من الخل الأبيض أو عصير الليمون الطازج على منطقة غير ظاهرة من الذهب.
- النتيجة:
- لا تغير: علامة جيدة جداً (الذهب لا يتفاعل).
- تغير اللون (أخضر أو أسود): مزيف بالتأكيد.
هذا هو لون تفاعل الحمض مع النحاس أو المعادن الأساسية الأخرى.
اختبار الحمض الاحترافي (حمض النيتريك)
تحذير: هذه مادة كيميائية كاوية وخطيرة.
هذا للاطلاع فقط ولا يُنصح بتجربته في المنزل دون خبرة وتدابير سلامة صارمة (قفازات ونظارات واقية وتهوية جيدة).
يستخدم الصاغة مجموعات اختبار حمض النيتريك المخصصة لكل عيار.
- الخطوة: يتم خدش قطعة الذهب برفق على “حجر اختبار” أسود لترك أثر (خط ذهبي).
- التطبيق: يتم وضع قطرة من الحمض المخصص للعيار المشكوك فيه (مثل حمض عيار 18) على الأثر.
- النتيجة:
- الأثر صمد ولم يختفِ: الذهب من العيار الصحيح أو أعلى.
- الأثر اختفى أو تحول إلى اللون الأخضر: الذهب من عيار أقل مما تم اختباره، أو مزيف بالكامل.
متى لا يجب عليك استخدام اختبار الكثافة؟
تطبيق اختبار الكثافة بشكل خاطئ يمكن أن يكون أسوأ من عدم تطبيقه على الإطلاق.
لأنه قد يعطي نتائج “سلبية كاذبة” (False Negatives) ويجعلك ترمي قطعة أصلية تظنها مزيفة.
يجب تجنب الاختبار تماماً في الحالتين التاليتين:
المشكلة الأولى: المجوهرات المجوفة (Hollow Jewelry)
العديد من السلاسل الضخمة، الأساور، أو الأقراط الكبيرة تكون “مجوفة” (Hollow) من الداخل.
هذا تصميم شائع لتقليل كمية الذهب المستخدمة، مما يجعلها أخف وزناً وأقل تكلفة.
- المشكلة: عندما تغمر قطعة مجوفة في الماء، فإنك تقيس حجمها الخارجي الكلي، والذي يتضمن “فراغ الهواء” المحبوس بالداخل.
- النتيجة: سيبدو الحجم كبيراً جداً مقارنة بالوزن، وسيعطيك الاختبار كثافة منخفضة جداً (قد تصل إلى 8 أو 9 g/cm3).
ستظن خطأً أنها مزيفة بينما هي أصلية ولكنها مجوفة.
المشكلة الثانية: المجوهرات المرصعة (الأحجار الكريمة)
خاتم مرصع بالألماس أو الزفير قد يكون جميلاً، لكنه كابوس لاختبار الكثافة.
- المشكلة: الأحجار الكريمة لها كثافة مختلفة تماماً عن الذهب.
الألماس (كثافته 3.5 g/cm3)، والياقوت والزفير (كثافته 4 g/cm3)، وحتى الكوارتز (كثافته 2.6 g/cm3) كلها أخف بكثير من الذهب. - النتيجة: عندما تزن القطعة بأكملها، فإنك تقيس متوسط كثافة الذهب والأحجار.
ستكون النتيجة الإجمالية دائماً أقل من كثافة الذهب الحقيقية، مما يؤدي إلى نتيجة خاطئة.
القاعدة الذهبية: لا يمكن تطبيق اختبار الكثافة إلا على القطع المصمتة (Solid) و الخالية تماماً من الأحجار (مثل سبائك، عملات، أو خواتم الزفاف البسيطة).
الخلاصة:
لضمان عدم التعرض للخداع، يمكن تلخيص هذا الدليل في هرم من أربعة مستويات للتحقق.
يبدأ بالأبسط وينتهي بالأكثر تعقيداً:
المستوى 1: الفحص الحسي والبصري (في المتجر)
- الأدوات: العين المجردة، المغناطيس.
- البحث عن: الأختام والدمغات الرسمية، لون متجانس لا يتقشر عند الحواف، وعدم الانجذاب للمغناطيس.
- يكشف: التزييف الرخيص جداً والمطلي بالحديد.
المستوى 2: اختبار الكثافة المنزلي (للقطع المصمتة)
- الأدوات: ميزان دقيق (0.01 جرام)، كوب ماء، خيط.
- الطريقة: اختبار الوزن النوعي (الطريقة الثانية)، لكونه الأكثر دقة.
- يكشف: التزييف بالمعادن الأخف وزناً (النحاس، الرصاص، الفضة).
المستوى 3: إدراك “مشكلة التنغستن”
- المشكلة: القطعة (سبيكة) نجحت في اختبار المستوى 2، لكن السعر يبدو جيداً جداً لدرجة لا تصدق، أو المصدر غير موثوق.
- الإدراك: يجب فهم أن الكثافة وحدها لا تكفي لكشف التزييف الاحترافي بالسبائك.
المستوى 4: الفحص الاحترافي (عند شراء السبائك)
- الأدوات: جهاز الموجات فوق الصوتية، جهاز قياس التوصيل الكهربائي.
- المكان: مختبر متخصص أو تاجر سبائك موثوق ومعتمد (مثل سوق لندن للسبائك) يستخدم هذه التقنيات.
- يكشف: كل شيء، بما في ذلك الذهب المحشو بالتنغستن.
في النهاية، تذكر دائماً النصيحة الأهم: الثقة أثمن من الذهب.
لا تشتري استثماراً كبيراً، خاصة السبائك، من مصدر لا تثق به.
تجنب الصفقات التي تبدو “جيدة جداً لدرجة لا تصدق”، حتى لو بدا أن القطعة قد اجتازت اختباراتك المنزلية.
شارك هذا المقال مع أصدقائك وعائلتك لحمايتهم من عمليات الاحتيال.
هل لديك قصة عن شراء ذهب مغشوش؟
شاركنا تجربتك في التعليقات أدناه.
