
تهانينا! لقد حصلتَ على الترقية وأصبحتَ تحمل لقب “مدير” هذا إنجاز مهني هائل، وغالباً ما يكون مصحوباً بمزيج من الحماس الشديد والرهبة العميقة.
هذا الشعور الأخير طبيعي تماماً فبعد سنوات من إتقان عملك كمساهم فردي متميز، تجد نفسك الآن تقف على أرض جديدة كلياً، بقواعد وتوقعات مختلفة جذرياً، أنت الآن المدير الجديد.
الأمر المقلق هو أن هذا القلق في محله، تظهر الأبحاث إحصائيات صادمة: تشير بعض الدراسات إلى أن ما يصل إلى 60% من المديرين الجدد يفشلون خلال أول 24 شهراً في المنصب.
والأكثر إثارة للقلق هو أن ما يقرب من 60% من المديرين لم يتلقوا أي تدريب رسمي على الإدارة عند انتقالهم إلى هذا الدور القيادي الأول.
أنت لم تحصل على الترقية لأنك تعرف كيف تدير، بل لأنك كنت متفوقاً في “تنفيذ” العمل. لكن السبب الجذري لهذا الفشل ليس نقص الجهد، بل الفشل في إدراك التحول الجذري المطلوب في العقلية.
إنه يمثل الانتقال الأكبر في مسيرتك المهنية: التحول من “مساهم فردي” إلى “قائد” لم يعد النجاح يُقاس بالإنجاز الشخصي، بل بالقدرة على “تدريب، توجيه، وتمكين الآخرين” لتحقيق النجاح.
يقدم هذا الدليل خطة العمل والتدريب الذي ربما لم تحصل عليه بدلاً من التخمين، يستعرض هذا المقال 10 خطوات عملية، مُنظمة ضمن إطار الـ 90 يومًا الشهير، لوضع الأساس لنجاح طويل الأمد، وبناء الثقة، وتجنب الأخطاء القاتلة التي يقع فيها الكثيرون.
المرحلة الأولى: الأيام 1-30 (التركيز: الاستماع، التعلم، والمواءمة)
تدور هذه المرحلة الافتتاحية حول الاستيعاب والتعلم هدفك ليس إحداث تغييرات جذرية، بل كسب الثقة، وفهم السياق، وتجنب الأخطاء المبكرة التي تنبع من التصرف السريع أنت الآن في وضع “الإسفنجة”، تمتص كل شيء من حولك.
1. تبني العقلية الجديدة: التحول الحاسم من “مُنفّذ” إلى “قائد”
الخطوة الأولى والأكثر أهمية هي خطوة داخلية. قبل أي اجتماع أو قرار، يجب عليك كمدير جديد أن تتبنى هوية جديدة.
هذا يعالج مباشرة إحصائيات الفشل المذكورة سابقاً، هذا التحول يتصدى أيضاً لتحدي “قيادة الزملاء السابقين”، وهو أحد أصعب التحديات التي تواجه القادة الجدد.
نجاح المدير الآن هو نجاح فريقه
لقد تغير مقياس الأداء الخاص بك. لم يعد الأمر يتعلق بـ “العمل لساعات طويلة” أو “كتابة أفضل تقرير”.
نجاحك الآن هو نتاج مُضاعَف لنجاح كل فرد في فريقك وظيفتك الأساسية تحولت من “القيام بالعمل” إلى “إزالة العقبات” التي تواجه الفريق لتمكينهم من النجاح.
من الأخطاء الشائعة الاعتقاد بأن “القيادة بالقدوة” (أي العمل بجد) كافية هذا مهم، لكنه غير كافٍ. تظهر الأدلة أن “المساءلة” وتحديد التوقعات الواحدة أكثر أهمية من مجرد الجهد الشخصي.
من “حل المشكلات” إلى “تطوير حلاّل المشكلات”
الدور الجديد يركز بشكل أساسي على التدريب (Coaching) وتطوير الآخرين، عندما يأتي إليك موظف بمشكلة، فإن رد فعلك الفوري كـ “مساهم فردي” هو “تقديم الحل” هذا خطأ.
أما رد فعلك كـ “قائد”، فهو “فتح حوار صادق” وطرح الأسئلة بدلاً من قول “افعل كذا”، اسأل: “ما الذي جربته حتى الآن؟”، “ما هي الخيارات التي تراها؟”، “ما الذي تعتقد أنه أفضل مسار للعمل؟” أنت لم تعد “البطل” الذي يحل كل شيء؛ أنت “الصانع” الذي يطور أبطالاً جدد.
نقطة رئيسية للمرحلة الأولى
النجاح في أول 30 يومًا لا يُقاس بما أنجزته، بل بما تعلمته وبمقدار الثقة التي بدأت في بنائها.

2. إطلاق “جولة استماع” مكثفة مع الفريق
بعد ضبط عقليتك، يصبح الإجراء الفوري هو “الاستماع” تؤكد جميع الأبحاث الإدارية على أهمية عقد “اجتماعات فردية” (1:1s) للتعرف على فريقك “كأفراد” وليس فقط “كموظفين”.
جدولة اجتماعات فردية (1:1s) مع كل عضو في الفريق
في أسبوعك الأول، يجب أن يكون جدولك مليئاً بهذه الاجتماعات، الهدف من هذه الاجتماعات ليس إصدار الأوامر أو تقييم الأداء، بل “بناء الثقة” و “التعلم”.
هذا النهج يتجنب الخطأ الكارثي المتمثل في “اتخاذ قرارات سريعة دون استشارة الفريق”، والذي يمكن أن يخلق حالة من الذعر ويدمر الثقة منذ البداية.
لا تدخل وتقول “سنغير كل شيء” ادخل وقل “أنا هنا لأستمع وأفهم عالمكم أولاً”.
الأسئلة الذهبية التي يجب أن تطرحها (وليس ما يجب قوله)
لتحقيق أقصى استفادة من هذه الجولة، يجب أن تتحدث 20% من الوقت وتستمع 80%.
فيما يلي قائمة مستوحاة من أفضل الممارسات لبدء الحوار:
- “أخبرني عن مسيرتك هنا. ما الذي تستمتع به أكثر في دورك؟”
 - “ما الذي يسير بشكل جيد في الفريق حالياً وتود أن نستمر فيه؟”
 - “ما هو الشيء الأكثر إحباطاً في عملك اليومي، أو ما الذي يمكننا تحسينه؟” (هذا منجم ذهب “للانتصارات المبكرة” لاحقاً).
 - “ما الذي تحتاجه مني كمدير لك لتحقيق النجاح؟”
 - “ما هي أفضل طريقة للتواصل معك؟ هل تفضل الاستقلالية أم التعاون الوثيق؟”
 - “إلى أين تريد أن تصل بمسيرتك المهنية، وكيف يمكنني مساعدتك في تحقيق ذلك؟”
 
قاوم الرغبة في تقديم وعود بالتغيير الفوري، يجب أن يكون التزامك الوحيد في هذه المرحلة هو “الاستماع” و “الفهم” دوّن ملاحظات مفصلة، التزامك الوحيد هو “سأفكر في هذا الأمر”.
3. التفاوض على النجاح: مواءمة التوقعات مع الإدارة العليا
لا يمكنك أن تنجح إذا كان تعريفك للنجاح يختلف عن تعريف رئيسك “التفاوض على النجاح” مع إدارتك هو خطوة حاسمة لمواءمة الجهود.
لا تفترض أنك تعرف ما هو متوقع منك، حتى لو تمت ترقيتك من داخل الفريق.
الاجتماع الأهم: تحديد مفهوم “النجاح”
يجب عليك كمدير جديد طلب اجتماع مخصص مع مديرك المباشر لطرح أسئلة محددة حول التوقعات.
هذه الأسئلة تضع الأساس لتقييم أدائك المستقبلي وتمنحك درعاً ضد سوء الفهم.
أسئلة لطرحها على مديرك المباشر
- “ما هو شكل النجاح بالنسبة لي في هذا الدور خلال أول 90 يومًا؟” (كن محدداً قدر الإمكان).
 - “ما هي الأولويات الاستراتيجية القصوى للشركة، وكيف يساهم فريقي فيها بالضبط؟”
 - “ما هي القرارات التي أصبحت الآن من صلاحياتي، وما هي القرارات التي لا تزال تحتاج إلى موافقتك؟” (هذا يحدد مستوى استقلاليتك).
 - “ما هي المقاييس المحددة (Success Metrics) التي ستُستخدم لتقييم نجاحي ونجاح فريقي؟” (هل هي الإيرادات؟ الكفاءة؟ معنويات الموظفين؟).
 - “من هم أصحاب المصلحة الرئيسيون الذين يجب أن أبني علاقات معهم؟”
 
فهم الحدود: الموارد، الصلاحيات، والقواعد غير المكتوبة
يتجاوز الأمر مجرد الأهداف. يجب أن تسأل بوضوح عن “الحدود التي يجب احترامها (الموارد البشرية، المالية، القانونية)”.
هذا يوضح “كيفية التنقل في المنظمة”، وهو تحدٍ رئيسي يواجه العديد من المديرين الجدد الذين لا يفهمون “السياسة” التنظيمية (بمعناها الإيجابي).
يجب أن تخرج من هذا الاجتماع بفهم واضح لـ “الأولوية الأولى أو الثانيتين اللتين ستولدان أكبر تأثير” في الأشهر الثلاثة الأولى هذا هو تركيزك.
4. تسريع منحنى التعلم (العمليات وأصحاب المصلحة)
أنت لا تدير فريقك في فراغ هذه الخطوة تدور حول فهم النظام البيئي الأوسع الذي يعمل فيه الفريق. هذا جزء أساسي من “تسريع التعلم” كما وصفه خبراء مثل مايكل واتكينز في كتابه المؤثر “The First 90 Days“.
رسم خريطة لأصحاب المصلحة (Stakeholder Mapping)
بالتعاون مع مديرك المباشر (من اجتماعك في الخطوة 3)، حدد الشركاء الرئيسيين وأصحاب المصلحة خارج فريقك المباشر.
هؤلاء هم رؤساء الأقسام الأخرى التي يعتمد عليها فريقك (أو التي تعتمد على فريقك).
يجب جدولة اجتماعات قصيرة (30 دقيقة) معهم الهدف هو طرح أسئلة مثل: “كيف يمكن لفريقي أن يخدمكم بشكل أفضل؟”، “ما هي التحديات المشتركة التي ترونها بين إداراتنا؟”، و “ما الذي يسير بشكل جيد بيننا؟”.
الغوص في العمليات والمنتجات
يجب عليك استخدام “جدول أعمال للتعلم” (Learning Agenda) منظم يتضمن ذلك مراجعة الوثائق الحالية للعمليات، فهم المنتجات أو الخدمات التي يقدمها فريقك، ومعرفة “كيف تتناسب استراتيجية الفريق مع الوضع الحالي” للشركة، اطلب من فريقك أن يشرحوا لك العمليات، فهذا يمنحهم شعوراً بالملكية والخبرة.
في نهاية الـ 30 يومًا الأولى، يجب أن تكون قادراً على الإجابة بثقة على سؤال: “كيف يساهم هذا الفريق في نجاح المنظمة الأوسع؟” وأن ترسم خريطة بسيطة لسير العمل.
المرحلة الثانية: الأيام 31-60 (التركيز: التنفيذ، تحديد الأولويات، وتحقيق “انتصارات مبكرة”)
بعد مرحلة “الاستماع” و “التعلم”، حان وقت “التنفيذ” و “المساهمة” هذه المرحلة تدور حول بناء المصداقية من خلال أفعال ملموسة لقد استمعت، والآن يجب أن تُظهر أنك استمعت بفاعلية.
5. تأمين “انتصارات مبكرة” سريعة لبناء المصداقية
“تأمين الانتصارات المبكرة” (Secure Early Wins) هو مفهوم أساسي في نماذج القيادة الانتقالية.
هذه الانتصارات تبني الزخم، تثبت قيمتك كمدير جديد، وتظهر للفريق أنه قد تم الاستماع إليهم بجدية.
ما هو “الانتصار المبكر” (وما هو ليس كذلك)؟
- الانتصار المبكر هو: “تحسينات صغيرة وواضحة”، “إزالة العوائق” اليومية التي تضايق الفريق، أو تحسين عملية مزعجة (مثل “إدارة أفضل للوقت” أو تبسيط نموذج تقرير أسبوعي، أو الحصول على موافقة لشراء برمجيات يحتاجها الفريق).
 - الانتصار المبكر ليس: “تغييرات هيكلية كبيرة”، أو إعادة هيكلة شاملة للفريق، أو إطلاق مشروع ضخم جديد يتطلب موارد هائلة. هذه تأتي لاحقاً.
 
كيف يتم تحديدها؟
ارجع إلى الملاحظات التي دونتها خلال “جولة الاستماع” (الخطوة 2) ما هي “الإحباطات” المتكررة التي ذكرها أعضاء الفريق؟ ابحث عن المشكلة “ذات التأثير المرتفع والجهد المنخفض”.
هل يشتكي الجميع من بطء الموافقة على المصروفات؟ هل يحتاجون إلى شاشة إضافية للعمل بكفاءة؟ هل الاجتماع الأسبوعي مضيعة للوقت؟ اختر شيئاً يمكنك إصلاحه بسرعة.
يجب الإعلان عن هذا “الانتصار” بوضوح. يجب أن تقول: “لقد استمعت إليكم بخصوص [المشكلة]، وقمنا بإجراء هذا [التغيير]” هذا يربط “الاستماع” بـ “الفعل” ويبني حلقة إيجابية قوية من الثقة.
6. تطوير ومشاركة خطة الـ 90 يومًا الخاصة بك
هذا هو التسليم الملموس (Deliverable) الرئيسي لك كمدير. تؤكد الأبحاث على أهمية وجود “خطة مفصلة” ومكتوبة، أنت لا تحتاج فقط إلى خطة في رأسك؛ أنت بحاجة إلى وثيقة.
لماذا توجد حاجة إلى خطة مكتوبة؟
لأنها “تحدد توقعات واضحة” لك ولفريقك ولمديرك، إنها تجعل “الجميع على نفس الصفحة” وتساعد على “تتبع التقدم” بشكل موضوعي.
يجب عليك مشاركة مسودة هذه الخطة مع مديرك المباشر للتحقق والموافقة، ثم مشاركتها مع فريقك لبناء الالتزام والشفافية، إنها تقول: “هذا ما سنركز عليه معاً”.

جدول: قالب خطة 30-60-90 للمدير الجديد
يقدم الجدول التالي هيكلًا مدمجًا يجمع بين الأطر الزمنية وفئات الأهداف (التعلم، الأداء، العلاقات) لإنشاء خطة قابلة للتنفيذ، استخدم هذا كنقطة بداية وقم بتخصيصه ليناسب دورك المحدد.
| المرحلة (الأيام) | التركيز الأساسي (Theme) | أهداف التعلم (Learning Goals) | أهداف الأداء (Performance Goals) | أهداف العلاقات (Relationship Goals) | 
|---|---|---|---|---|
| 1-30 | المواءمة والتعلم (Align & Learn) | فهم أهداف الشركة والفريق تحديد 1-2 من أوجه القصور فهم أدوات وعمليات الفريق  | 
مراقبة اجتماعات الفريق كمستمع إكمال جميع إجراءات الإعداد الإداري  | 
بناء الثقة مع الفريق (عبر 1:1s) مواءمة التوقعات مع المدير المباشر مقابلة أصحاب المصلحة الرئيسيين  | 
| 31-60 | التنفيذ والأولويات (Execute & Prioritize) | إجراء تحليل SWOT مبدئي للفريق تحديد فرص النمو والتحسين توثيق العمليات الرئيسية غير الموثقة  | 
تحقيق “انتصار مبكر” واحد على الأقل اقتراح 1-2 تحسينات للعملية البدء في تتبع مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)  | 
تقديم تغذية راجعة بناءة ومستمرة تعزيز التعاون بين أعضاء الفريق بدء إدارة النزاعات البسيطة بشكل استباقي  | 
| 61-90 | القيادة والأداء (Lead & Perform) | تولي “مشروع توسعي” (Stretch Project) لاختبار القدرات فهم وتطوير الاستراتيجية طويلة المدى  | 
قيادة التخطيط الاستراتيجي للربع القادم تقديم النتائج الأولية للقيادة العليا تنفيذ تحسين واحد على الأقل للعملية  | 
تدريب (Coach) أعضاء الفريق بشكل فعال تمكين الفريق وتفويض المهام ذات الأهمية طلب تغذية راجعة حول أسلوب القيادة الشخصي  | 
هذه الخطة هي وثيقة حية وليست منحوتة في حجر. يجب استخدامها كنقطة مرجعية في اجتماعاتك الفردية وتعديلها مع تغير الظروف واكتسابك لمعلومات جديدة.
7. وضع توقعات واضحة والاستعداد للمحادثات الصعبة
هذه الخطوة حاسمة في المرحلة الثانية. بعد الفهم (Phase 1) والتخطيط (Step 6)، يجب عليك الآن “وضع قواعد اللعبة”.
هذا يتجنب أحد أكبر الأخطاء الإدارية: “تحديد توقعات غامضة” أو “تجنب المشاكل حتى فوات الأوان”.
خطأ المدير الجديد: الخوف من “المحادثات الصعبة”
يعتقد العديد من المديرين الجدد أن تجنب النزاع هو علامة على الانسجام، ولكنه في الواقع فشل قيادي.
الفشل في مساءلة الموظفين عن الأداء يؤدي إلى تآكل المعايير ويحبط أفضل الموظفين أداءً.
“المحادثات الصعبة” حول الأداء أو السلوك هي جزء لا يتجزأ من وظيفتك الجديدة.
كن حازماً، عادلاً، وثابتاً (Firm, Fair, and Consistent)
عند وضع المعايير، من المهم تجنب الأخطاء الشائعة التي تدمر السلطة. إليك قائمة “ما لا يجب فعله” مستوحاة من خبراء الإدارة:
- لا تضع سياسة جديدة لكل خطأ فردي يرتكبه شخص ما. عالج الأمر بشكل فردي أولاً.
 - لا تهدد الناس. استخدام التخويف هو علامة على ضعف القائد. اشرح العواقب، لكن لا تهدد.
 - لا تطلب المستحيل لمجرد أن الإدارة العليا تضغط عليك. وظيفتك هي إدارة هذا الضغط وتوفير موارد واقعية.
 - لا تطلب من الموظفين القيام بأي شيء غير أخلاقي أو يقع في “منطقة رمادية”.
 - لا تتجنب طلب التغذية الراجعة حول أدائك. هذا يظهر الضعف، وليس القوة.
 
“الوضوح هو اللطف” من الأسهل والأكثر إنتاجية إجراء محادثة تصحيحية صغيرة الآن بدلاً من الاضطرار إلى إجراء مراجعة أداء كارثية بعد ستة أشهر.
المرحلة الثالثة: الأيام 61-90 (التركيز: القيادة، التحسين، والتوسع)
هذه هي مرحلة “الأداء” و “القيادة” بعد بناء الأساس، حان الوقت لقيادة الفريق نحو أهداف استراتيجية وإظهار التأثير.
لقد انتقلت من “التعلم” إلى “التنفيذ”، والآن أنت تنتقل إلى “القيادة”.

8. إتقان فن التفويض (وتجنب الإدارة التفصيلية)
هذا هو الاختبار الحقيقي لـ “التحول العقلي” (الخطوة 1) في هذه المرحلة، يجب عليك الانتقال من الإدارة إلى القيادة، وهذا يتطلب “التفويض الفعال” و “بناء الثقة” مع فريقك.
علامة الفشل: الإدارة التفصيلية (Micromanagement)
الإدارة التفصيلية هي السم القاتل للفريق. إنها تظهر نقص الثقة، تخنق الابتكار، وتعيق تطور الموظفين.
من الأخطاء التي يجب تجنبها بشدة هي أن تكون “مزعجاً” (تتابع كل صغيرة وكبيرة) أو “تتجسس على موظفيك” (تراقب النشاط بدلاً من النتائج).
تذكر: لقد تمت ترقيتك لأنك كنت الأفضل في “العمل” الآن، يجب أن تقاوم الرغبة في القيام بالعمل بنفسك عندما ترى أنه لا يتم “بالطريقة التي تفضلها”.
كيفية التفويض بفاعلية لتمكين الفريق
التفويض الفعال لا يعني إلقاء المهام على الآخرين والهرب.
إنه يعني تمكين الفريق:
- فوّض النتائج، وليس الخطوات: كن واضحاً بشأن “ما” هو المطلوب (النتيجة النهائية)، ولكن امنحهم المرونة في “كيفية” تحقيق ذلك.
 - وضح مستوى الصلاحية: هل يمكنهم اتخاذ القرار بأنفسهم؟ هل يجب عليهم إبلاغك؟ هل يجب أن يأخذوا موافقتك أولاً؟
 - وفر الموارد والدعم: اسأل “ما الذي تحتاجه مني لإنجاح هذا؟” بدلاً من “هل انتهيت بعد؟”.
 
دورك هو تطوير مهارات فريقك وثقتهم بأنفسهم. التفويض هو الأداة الأساسية لتحقيق هذا التطوير، كل مهمة تفوضها هي فرصة لنمو موظف.
9. بناء التحالفات وتوسيع دائرة التأثير
تؤكد النماذج القيادية المتقدمة على “بناء التحالفات” (Create Alliances) هذا هو ما يميز القائد الاستراتيجي عن مدير الفريق المنعزل، كما يشير خبراء القيادة في فوربس، فإن تأثيرك نادراً ما يقتصر على مرؤوسيك المباشرين.
الانتقال من إدارة الفريق إلى التأثير في المنظمة
في الأيام 1-30 (الخطوة 4)، كان هدفك هو *التعلم* من أصحاب المصلحة، أما في الأيام 61-90، فالهدف هو *التأثير* فيهم.
يتضمن ذلك مشاركة “نتائج” فريقك بشكل استباقي وتوضيح كيف تساهم هذه النتائج في الأهداف الأكبر للمنظمة.
اكتساب “المهارة السياسية”
هذا لا يعني التلاعب، بل يعني “اكتساب الرؤية مع الإدارة العليا” و “فهم الهيكل التنظيمي وثقافة الشركة”.
من خلال بناء علاقات قوية، تصبح حليفاً استراتيجياً للإدارات الأخرى، قادراً على حشد الدعم والموارد عند الحاجة.
عندما تحتاج إلى مساعدة من قسم آخر، فإن العلاقة التي بنيتها هي التي ستسرع العملية.
النجاح على المدى الطويل لا يعتمد فقط على أداء فريقك الداخلي، بل على قدرتك على حشد الدعم والتأثير في جميع أنحاء المنظمة.
10. مراجعة الأداء والتخطيط للـ 90 يومًا القادمة
أول 90 يومًا ليست خط نهاية، بل هي “دورة افتراضية” (virtuous cycle). يجب أن تنتهي هذه المرحلة بمراجعة واضحة والتخطيط للدورة التالية، مما يضمن التحسين المستمر.
طلب التغذية الراجعة (Feedback) حول الأداء الإداري
من أخطر الأخطاء التي يقع فيها المديرون هو “التوقف عن طلب الملاحظات” بمجرد شعورهم بالاستقرار.
يجب عليك أن تطلب التغذية الراجعة بشكل استباقي ومحدد. لا تسأل فقط “كيف أبلي؟”.
اطلبها من مصدرين:
- الفريق: في اجتماعاتك الفردية، اسأل: “ما الذي أفعله جيداً كمدير ويساعدك؟” و “ما هو الشيء الوحيد الذي يمكنني تحسينه لمساعدتك بشكل أفضل؟”.
 - المدير المباشر: حدد اجتماعاً لمراجعة الـ 90 يوماً. اسأل: “بناءً على خطة الـ 90 يومًا التي اتفقنا عليها، كيف تقيّم أدائي حتى الآن؟” و “ما هي أولوياتك بالنسبة لي للربع القادم؟”.
 
مراجعة الخطة والتحضير للربع القادم
حان الوقت للنظر إلى الجدول (الخطوة 6). ما الذي تم تحقيقه؟ وما الذي لم يتم؟ استخدم هذه المراجعة “لتطوير استراتيجيات طويلة المدى” و “تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية للربع التالي” يجب أن تظل “منفتحاً للتغيير” وتكييف الخطة مع تغير أهداف الشركة.
القيادة هي عملية مستمرة من التعلم والتحسين، استخدم الدروس المستفادة من أول 90 يومًا لتحديد أهداف أكثر طموحاً للـ 90 يومًا القادمة.
الخاتمة: من مدير جديد إلى قائد مُلهم
لقد بدأتَ هذه الرحلة كمدير جديد، ربما بشعور من “الخوف والرهبة” الآن، بعد 90 يومًا، ومع اتباع خطة منظمة، يمكنك تحويل هذا القلق إلى ثقة.
لقد انتقلت من مرحلة الاستماع والمواءمة (الأيام 1-30)، إلى التنفيذ وبناء المصداقية عبر الانتصارات المبكرة (الأيام 31-60)، وأخيراً إلى القيادة الاستراتيجية والتأثير (الأيام 61-90).
تذكر أن القيادة ليست منصباً، بل هي عملية تعلم مستمرة الأخطاء ستحدث حتماً، ولكن كما يقول المثل: “الطرق الخالية من المنعطفات لا تعلم الإنسان قيادة السيارة”.
المهم هو كيفية استجابتك لهذه الأخطاء والتعلم منها باتباع هذا الدليل، أنت تمتلك الأدوات اللازمة ليس فقط للنجاة في الأشهر الأولى، بل للازدهار كقائد فعال ومُلهم على المدى الطويل.
القيادة رحلة مشتركة. ما هو التحدي الأكبر الذي واجهته (أو تواجهه) كمدير جديد؟ ما هي النصيحة الذهبية التي تقدمها لشخص يبدأ دوره الإداري غدًا؟
شاركنا بخبرتك وأفكارك في التعليقات أدناه.