القوة والتأثير، الإشارة إلى أن القوة الحقيقية (التأثير) يمكن أن تأتي من أي مكان، وليس فقط من المنصب الرسمي.

مقدمة: ثقل القرار الواحد

في مسيرتك المهنية، لا بد أنك واجهت لحظات حاسمة شكّلت نظرتك للقيادة. تخيل نفسك في سيناريوهين: في الأول، مدير يعتمد كليًا على سلطته الرسمية.

تُنفذ المهام خوفًا من العواقب أو طمعًا في المكافأة. الأوامر تُعطى، والامتثال هو المطلوب، لكن شرارة الإبداع تخبو، والالتزام لا يتجاوز حدود ساعات العمل.

هذا هو عالم “الرئيس” الذي يمارس السلطة، الآن، تخيل سيناريو ثانيًا: قائد يبني جسورًا من التواصل، ويستخدم الإقناع والإلهام كأدوات أساسية.

القرارات تُناقش، والأهداف تُصبح مشتركة، والفريق يعمل بروح المبادرة والتفاني لأنهم يؤمنون بالرؤية وبك.

هذا التباين ليس مجرد اختلاف في الأسلوب، بل هو جوهر الفرق بين الإدارة السطحية والقيادة العميقة والمستدامة، فالقيادة الحقيقية لا تتعلق بالألقاب أو المناصب، بل هي “حياة واحدة تؤثر في حياة أخرى”.

إنها قدرتك على إخراج أفضل ما في الناس ومساعدتهم على الارتقاء إلى مستويات لم يكونوا ليحققوها بمفردهم.

لكن كيف يمكنك تحقيق ذلك؟ هل القوة أداة يجب التخلي عنها بالكامل؟ أم أن التأثير مهارة غامضة لا يمتلكها إلا القلائل؟

يطرح هذا المقال سؤالًا محوريًا لك كقائد: هل تقود من خلال الأمر والسيطرة، أم من خلال التواصل والاتصال؟

سنقدم لك خارطة طريق شاملة لاستكشاف مفهومي القوة والتأثير، وتفكيك مكوناتهما، وتقديم استراتيجيات عملية لإتقان فن التأثير دون التخلي عن الاستخدام الحكيم والضروري للقوة.

هدفنا هو تزويدك بالأدوات اللازمة للانتقال من فرض الامتثال إلى إلهام الالتزام الحقيقي.

تحديد الازدواجية: القوة مقابل التأثير

لفهم ديناميكيات القيادة الفعالة، يجب أن تميز بوضوح بين مفهومي القوة والتأثير. على الرغم من أنهما غالبًا ما يستخدمان بالتبادل، إلا أنهما يمثلان مفهومين متمايزين لهما مصادر وآثار مختلفة تمامًا.

القوة (Power) تُعرَّف بأنها القدرة على حمل الآخرين على التصرف، وغالبًا ما تستند إلى السلطة والسيطرة . إنها تنبع من منصبك الرسمي وما تمتلكه من أدوات ملموسة لتوجيه السلوك، مثل القدرة على منح المكافآت أو فرض العقوبات،القوة هي أداة لتحقيق الامتثال الفوري .

التأثير (Influence)، على النقيض من ذلك، هو القدرة على تعديل سلوك الآخرين وتفكيرهم دون الاعتماد على السلطة الرسمية . يعمل التأثير على مستوى أعمق، حيث يقنع ويلهم التغيير من خلال العلاقات الشخصية والإقناع والقدرة على مواءمة الأفعال مع القيم المشتركة ، إنه جوهر القيادة الذي يدوم .

يكمن أحد الفروق الجوهرية في طبيعة العلاقة التي يخلقها كل منهما، القوة غالبًا ما تكون ذات طبيعة معاملاتية (Transactional).

إنها تخلق حسابات لدى فريقك: “ماذا سيحدث لي إذا لم أقم بهذا؟”، هذا يؤدي إلى الامتثال، وهو استجابة سلوكية تفتقر إلى الاقتناع الداخلي .

أما التأثير، فهو بطبيعته علائقي (Relational). إنه يثير اتصالًا لدى فريقك: “لماذا هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به؟”، هذه الاستجابة هي التي تولد الالتزام الحقيقي .

“استخدام القوة يقلل من شأن الآخرين؛ وممارسة التأثير تنميهم وتعظم من شأنهم.” – الحاخام اللورد جوناثان ساكس

هذا التمييز له آثار عميقة. القوة لعبة محصلتها صفر؛ كلما استخدمتها، قل ما يتبقى منها .

في المقابل، التأثير قوة توليدية؛ عندما تشارك تأثيرك مع الآخرين، فإنه لا ينقص بل يتضاعف .

جدول مقارنة بين القوة والتأثير
السمة القوة (Power) التأثير (Influence)
المصدر موضعي (المنصب، اللقب، السيطرة على الموارد) شخصي (الخبرة، الكاريزما، العلاقات، الثقة)
الطبيعة معاملاتية (Transactional) علائقية (Relational)
استجابة التابع الامتثال (Compliance) الالتزام (Commitment)
الأفق الزمني قصير المدى (Short-term) طويل المدى (Long-term)
الفعل الرئيسي الإجبار (Compel) الإقناع (Persuade)

 

قسيم المحتوى الكثيف بصريًا ومساعدة القارئ على تذكر الأنواع المختلفة للقوة.

الجزء الثاني: تشريح القوة: مجموعة أدواتك كقائد

لفهم كيفية استخدام القوة بحكمة، يجب عليك أولاً تشريحها إلى مكوناتها الأساسية.

إطار العمل الذي قدمه عالما النفس الاجتماعي جون فرينش وبيرترام رافين في عام 1959 يظل حجر الزاوية لفهم ديناميكيات القوة .

يمكن تصنيف قواعد القوة هذه إلى فئتين رئيسيتين: القوة الموضعية (الرسمية) والقوة الشخصية (غير الرسمية) .

القوة الموضعية (مجموعة الأدوات الرسمية)

هذه هي أشكال القوة التي تستمدها مباشرة من دورك الرسمي، إنها أدوات تُمنح مع المنصب، ولكن فعاليتها تعتمد كليًا على كيفية استخدامك لها.

القوة الشرعية: سلطة اللقب

تُعرَّف القوة الشرعية بأنها السلطة المستمدة من منصبك الرسمي . يقبل فريقك هذه القوة لأنهم يعتقدون أن لديك “الحق” في إصدار الأوامر.

ومع ذلك، فإنها غير مستقرة؛ فبمجرد أن تفقد لقبك، تختفي هذه القوة . لا تعتمد عليها كأداة أساسية، بل اعتبرها “شبكة أمان” لاتخاذ القرارات الصعبة، الاعتماد المفرط على عبارة “لأنني المدير” هو علامة على ضعف تأثيرك الشخصي .

قوة المكافأة: عملة التحفيز

تنشأ قوة المكافأة من قدرتك على تقديم حوافز إيجابية، مثل المكافآت المالية والترقيات والتقدير . هذه القوة فعالة في تعزيز السلوكيات المرغوبة.

لكي تكون فعالة، يجب أن تكون المكافآت ذات قيمة في نظر الموظفين وأن ترتبط بمعايير أداء واضحة، لكن الإفراط في استخدامها يمكن أن يؤدي إلى خلق شعور بالاستحقاق بدلاً من الدافع الداخلي .

القوة القسرية: أداة الملاذ الأخير

هي القدرة على فرض عقوبات أو تهديدات تُعتبر هذه القوة الأقل فعالية والأكثر إشكالية، فهي تعتمد على الخوف، وغالبًا ما تؤدي إلى الاستياء وانعدام الثقة . على المدى الطويل، يمكن أن تخلق بيئة عمل سامة.

لذلك، لا تستخدمها إلا كملاذ أخير، في المواقف التي تنطوي على مخاطر جسيمة تتعلق بالسلامة أو انتهاكات أخلاقية خطيرة .

القوة الشخصية (مجموعة الأدوات غير الرسمية)

هذه هي مصادر القوة الأكثر استدامة وفعالية في بناء التأثير الحقيقي، إنها تنبع من صفاتك وأفعالك، بغض النظر عن لقبك الرسمي.

قوة الخبرة: مصداقية المعرفة

تستند قوة الخبرة إلى معرفتك ومهاراتك المتخصصة . يثق فريقك في حكمك وقدرتك على اتخاذ القرارات الصائبة.

هذه القوة تُكتسب من خلال التعلم المستمر، وهي تحظى باحترام كبير . للحفاظ عليها، يجب أن تظل على اطلاع دائم بالتطورات في مجالك، الخطر يكمن في أن تصبح متعاليًا أو مقاومًا للتغيير .

القوة المرجعية: جاذبية الشخصية

تنشأ القوة المرجعية من إعجاب فريقك واحترامهم ورغبتهم في التشبه بك . إنها قوة الكاريزما والنزاهة.

يتبعك الناس ليس لأنه يجب عليهم ذلك، بل لأنهم يريدون ذلك. هذه القوة مبنية على الثقة والعلاقات الشخصية، وهي الأقوى في توليد الالتزام العاطفي .

قوة المعلومات: نفوذ الوصول

هي القدرة المستمدة من امتلاك أو التحكم في معلومات مهمة يحتاجها الآخرون . في عصرنا الحالي، أصبحت هذه القوة ذات أهمية متزايدة.

يمكنك استخدامها بشكل إيجابي لتمكين فريقك من خلال مشاركة السياق والبيانات، مما يعزز الشفافية أو يمكنك استخدامها بشكل سلبي للتلاعب من خلال حجب المعلومات، القائد الحكيم يستخدمها كأداة للتمكين، وليس للسيطرة.

التأكيد على أن هذه العناصر الثلاثة هي حجر الأساس الذي يُبنى عليه التأثير الفعال.

الجزء الثالث: فن التأثير: صياغة الاتصال والالتزام

إذا كانت القوة هي الهيكل العظمي للقيادة، فإن التأثير هو الجهاز العصبي الذي يبث فيه الحياة.

التأثير ليس مجرد فعل واحد، بل هو نتيجة لمجموعة متسقة من السلوكيات والاستراتيجيات التي تتجذر في الذكاء العاطفي وبناء العلاقات.

بناء حجر الأساس للتأثير: الثقة والتعاطف والمصداقية

لا يمكنك ممارسة التأثير في فراغ، إنه ينمو ويزدهر فقط على أساس متين من الثقة. الثقة هي “غراء القيادة”، بناء هذه الثقة يتطلب منك ثلاثة مكونات رئيسية:

  • الاتساق والنزاهة: افعل ما تقوله والتزم بقيمك حتى في الأوقات الصعبة.
  • الصدق والشفافية: تشير الأبحاث إلى أن 20% فقط من الناس يثقون في قادة الأعمال لقول الحقيقة، مما يجعل الصدق مسؤولية حاسمة لك.
  • الاهتمام الحقيقي: عندما تستثمر في نجاح الآخرين، فإنك تبني ولاءً عميقًا .

إلى جانب الثقة، يأتي التعاطف، القدرة على فهم وجهات نظر الآخرين هي شرط أساسي للإقناع.

استمع بفعالية ليس لترد، بل لتفهم . وأخيرًا، المصداقية هي عملة التأثير، وهي تنبع من مزيج من قوة خبرتك وموثوقيتك.

التكتيكات التسعة للتأثير الفعال: دليلك الاستراتيجي

بمجرد وضع حجر الأساس، يمكنك استخدام مجموعة من التكتيكات المحددة لممارسة التأثير، هذه التكتيكات توفر لك مجموعة أدوات عملية يمكنك تكييفها مع أي سيناريو .

مناشدة العقل (التكتيكات القائمة على المنطق)

  1. الإقناع العقلاني: استخدم الحجج المنطقية والأدلة الواقعية والبيانات لدعم وجهة نظرك .
  2. التكتيكات الشرعية: اعتمد على السلطة أو القواعد التنظيمية لإضفاء الشرعية على طلبك .

مناشدة القلب (التكتيكات القائمة على العاطفة)

  1. المناشدات الملهمة: أثر الحماس والعواطف من خلال مناشدة قيم وتطلعات فريقك .
  2. المناشدات الشخصية: اعتمد على الصداقة أو الولاء الشخصي لطلب الامتثال .
  3. التملق (Ingratiation): استخدم المديح لخلق انطباع إيجابي قبل تقديم الطلب، ولكن استخدمه بأصالة .

مناشدة الأيدي (التكتيكات القائمة على التعاون)

  1. التشاور: أشرك فريقك في عملية التخطيط لكسب تأييدهم .
  2. تكتيكات التبادل: اعرض مكافأة أو منفعة متبادلة مقابل الامتثال.
  3. تكتيكات التحالف: اطلب مساعدة الآخرين لإقناع الشخص المستهدف .
  4. تكتيكات الضغط: استخدم المطالب أو التهديدات. هذا التكتيك هو الأكثر خطورة ويجب استخدامه بشكل ضئيل للغاية .

كقائد مؤثر، يجب أن تكون “متعدد اللغات”؛ لا تعتمد على تكتيك واحد. قم بتقييم الموقف، والشخص الذي تحاول التأثير فيه، ثم اختر التكتيكات الأنسب.

الجزء الرابع: صيغة الخيميائي: استخدام القوة والتأثير بحكمة

الحكمة لا تكمن في امتلاك القوة أو التأثير، بل في معرفة كيفية معايرتهما وتطبيقهما بما يتناسب مع الموقف، هذا الجزء يركز على “كيف” و”متى” تستخدم كل أداة.

مصفوفة القوة/التأثير: أداة لتوجيه أصحاب المصلحة

يمكنك استخدام مصفوفة بسيطة لكنها قوية كأداة لتصنيف أصحاب المصلحة ووضع استراتيجيات تفاعل مخصصة .

  • قوة عالية، تأثير عالٍ: هؤلاء هم اللاعبون الرئيسيون. يجب عليك “إدارتهم عن كثب” وإشراكهم بشكل كامل.
  • قوة عالية، تأثير منخفض: هؤلاء يمتلكون سلطة رسمية. استراتيجيتك هي “إبقاؤهم راضين” وتلبية متطلباتهم.
  • قوة منخفضة، تأثير عالٍ: هؤلاء هم قادة الرأي. استراتيجيتك هي “إبقاؤهم على اطلاع” والتعاون معهم ليكونوا حلفاءك.
  • قوة منخفضة، تأثير منخفض: هؤلاء يجب “مراقبتهم” بأقل جهد.

هدفك الاستراتيجي هو العمل بنشاط على نقل الحلفاء الرئيسيين إلى خانة “التأثير العالي”، بغض النظر عن قوتهم الرسمية .

معايرة نهجك: من الإكراه إلى التعاون

لا يوجد أسلوب قيادة واحد هو الأفضل دائمًا. كقائد فعال، يجب أن تمتلك مجموعة واسعة من الأساليب وتعرف متى تطبق كل منها.

  • في أوقات الأزمات: قد يكون من الضروري استخدام نهج أكثر توجيهًا يعتمد على القوة الشرعية لاتخاذ قرارات حاسمة وسريعة.
  • عند التعامل مع قضايا صعبة: قد يتطلب الموقف إجراءات حاسمة، بما في ذلك استخدام القوة القسرية كملاذ أخير.
  • في جلسات العصف الذهني: النهج القائم على التأثير والتعاون هو الأمثل. استخدم التشاور لبناء إجماع.
  • عند قيادة فريق من الخبراء: اعتمد على قوة الخبرة والقوة المرجعية لخلق بيئة من الاحترام المتبادل.

التمكين كتعبير أسمى عن القيادة الحكيمة

في نهاية المطاف، إن الاستخدام الأكثر نضجًا للقوة هو التخلي عنها عن طيب خاطر، القادة العظماء لا يكدسون القوة، بل يوزعونها .

التمكين هو العملية التي تمنح من خلالها فريقك السلطة والموارد والاستقلالية. عندما تمكن فريقك، فإنك:

  • تعزز الملكية والمساءلة .
  • تشجع على الابتكار والمبادرة.
  • تطور قادة المستقبل.
  • تزيد من سرعة المنظمة ومرونتها.

إن تمكين الآخرين هو العرض النهائي للثقة في فريقك، وهو التحول من “القوة على” الناس إلى “القوة مع” الناس.

نقل الشعور بالبيئة السامة والضغط النفسي الذي ينتج عن إساءة استخدام السلطة.

الجزء الخامس: ظل القيادة: سوء استخدام القوة وعواقبه

القوة يمكن أن تكون مسكرة وتؤدي إلى الفساد، من الضروري أن تكون على دراية بالجانب المظلم للقيادة لتجنبه.

عندما تفسد القوة: تحديد علامات سوء الاستخدام

سوء استخدام القوة ليس دائمًا واضحًا. غالبًا ما يتجلى في سلوكيات يومية تخلق بيئة عمل سامة.

كن على دراية بهذه العلامات التحذيرية:

  • الإدارة التفصيلية (Micromanagement): الرغبة المفرطة في السيطرة على كل شيء، مما يقتل المبادرة ويظهر عدم الثقة .
  • المحاباة والتحيز: إظهار معاملة تفضيلية لبعض الموظفين على حساب الآخرين .
  • حجب الموارد أو المعلومات: استخدام السيطرة على المعلومات كأداة لمعاقبة الموظفين .
  • النقد العلني والإحراج: توبيخ الموظفين أمام زملائهم بهدف الإذلال .
  • السلوك العدواني: الصراخ أو التهديد، مما يخلق بيئة من الخوف .
  • القيادة النرجسية: الاعتقاد بأنك دائمًا على حق ورفض تلقي النقد.

غالبًا ما تنبع هذه السلوكيات من انعدام الذكاء العاطفي أو الوعي الذاتي، حيث قد تسيء استخدام السلطة للتعويض عن شعورك بالضعف .

التكلفة التنظيمية: سلسلة من النتائج السلبية

إن تكلفة إساءة استخدام القوة باهظة وتؤثر على الأداء المالي للمنظمة.

  • انخفاض الإنتاجية: القيادة السيئة تكلف الشركات مليارات الدولارات كل عام بسبب انخفاض الإنتاجية .
  • ارتفاع معدل دوران الموظفين: الموظفون لا يتركون وظائفهم، بل يتركون مديريهم. تشير الدراسات إلى أن سبعة من كل عشرة موظفين سيتركون وظائفهم بسبب مدير سيء .
  • تدهور الصحة النفسية: يرتبط الإشراف المسيء بزيادة التوتر والقلق والإرهاع العاطفي لدى الموظفين .
  • تآكل الثقة والتعاون: عندما تسيء استخدام سلطتك، فإنك تدمر الثقة. 20% فقط من الموظفين يثقون بشدة في قيادة منظمتهم .
  • خنق الابتكار: الابتكار يتطلب سلامة نفسية، أي بيئة يشعر فيها الموظفون بالأمان لطرح الأفكار. القادة المسيئون يقضون على هذه السلامة النفسية .

الجزء السادس: القيادة في العمل: دروس من الميدان

هذا الجزء الختامي يجمع كل الخيوط معًا من خلال أمثلة ملهمة وأدوات عملية لتطويرك الذاتي.

صور من القيادة الحكيمة

  • مهاتما غاندي وقيادة القيم: يعتبر غاندي مثالًا رئيسيًا على القوة المرجعية الهائلة. بدون منصب رسمي، قاد حركة استقلال الهند من خلال التزامه الصارم باللاعنف . لقد أثبت أن التأثير الأخلاقي يمكن أن يكون أقوى من القوة العسكرية.
  • ملالا يوسفزاي وشجاعة البقاء: بعد نجاتها من محاولة اغتيال، استخدمت ملالا قصتها الشخصية لبناء حركة عالمية للدفاع عن حق الفتيات في التعليم . لم تكن لديها سلطة رسمية، لكن شجاعتها منحتها تأثيرًا هائلاً.
  • جاسيندا أرديرن والقيادة بالتعاطف: أظهرت رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة نموذجًا قويًا للقيادة القائمة على التأثير خلال الأزمات. من خلال تواصلها الواضح والمتعاطف، تمكنت من حشد الدعم لسياسات صارمة .

أسئلة لك كقائد متأمل

التطوير القيادي يبدأ بالوعي الذاتي. خذ لحظة للتفكير بصدق في هذه الأسئلة:

  • كيف أوازن بين الحاجة إلى تحقيق النتائج ورفاهية أعضاء فريقي؟
  • هل يشعر أعضاء فريقي بالراحة عند تقديم ملاحظات نقدية لي؟ لماذا؟
  • ما هي الإجراءات المحددة التي اتخذتها لكسب ثقة الآخرين؟
  • عندما يحقق الفريق نجاحًا، كيف أضمن توزيع التقدير بشكل عادل؟

خاتمة:

في نهاية المطاف، يكشف هذا التحليل عن حقيقة أساسية: في حين أن القوة ضرورية، إلا أنها أداة ذات عوائد محدودة.

يمكن للقوة أن تفرض الامتثال، لكنها نادرًا ما تلهم العظمة. القيادة الحقيقية والمستدامة تُبنى على التأثير المتجذر في الثقة والاحترام والهدف المشترك .

إن الاختيار بين الاعتماد على القوة أو تنمية التأثير هو قرار يتعلق بالإرث الذي تتركه، هل سيذكرك فريقك كشخص كان في السلطة، أم كشخص كان ذا تأثير، وسّع من قدرات من حوله وتركهم أفضل مما كانوا؟ .

الدعوة إلى العمل واضحة: اسعَ للانتقال من كونك مجرد شخص يمتلك السلطة إلى شخص يمتلك التأثير.

قِس نجاحك ليس بحجم السلطة التي تسيطر عليها، بل بحجم التأثير الإيجابي الذي تحدثه في حياة أولئك الذين تقودهم. لأن القيادة، في جوهرها، ليست حول الألقاب، بل هي “حياة واحدة تؤثر في حياة أخرى”.

لقد استكشفنا معًا أعماق القوة والتأثير. الآن، ندعوك للتفكير في أسلوبك القيادي، ما هي الخطوة الأولى التي ستتخذها لتعزيز تأثيرك الإيجابي؟

شاركنا أفكارك في التعليقات أدناه، أو شارك هذا المقال مع قائد طموح آخر في شبكتك!

أسئلة شائعة

ما هي القيادة الحقيقية؟

القيادة الحقيقية لا تتعلق بالمنصب، بل بالقدرة على التأثير في الآخرين وإلهامهم لتحقيق هدف مشترك. إنها تدور حول غرس الثقة في فريقك وخدمتهم لتحقيق أفضل النتائج.

هل يمكن تعلم القيادة أم هي موهبة فطرية؟

القيادة ليست صدفة، بل هي مهارة يمكن تعلمها وتطويرها. القادة يُصنعون من خلال الخبرة والتعلم المستمر والتفكير في الإرث الذي يرغبون في تركه.

ما هو أسلوب القيادة الأفضل؟

لا يوجد أسلوب واحد هو الأفضل دائمًا. القادة الفعالون يمزجون بين أساليب مختلفة (مثل التدريبية، الداعمة، والتفويضية) ويتكيفون مع الموقف واحتياجات أعضاء الفريق.

كيف أتعامل مع “المخربين” أو الموظفين السلبيين في الفريق؟

أولاً، امنحهم فائدة الشك وحاول فهم أسباب سلوكهم من خلال التدريب والتوجيه. إذا استمر السلوك السلبي، يجب أن تكون عادلاً ولكن حازمًا في اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة لمنع تأثيرهم السلبي على بقية الفريق.

كيف يمكنني زيادة تأثيري كقائد جديد؟

ركز على بناء القوة الشخصية. استثمر في خبرتك (قوة الخبرة) وابنِ علاقات حقيقية قائمة على الثقة والنزاهة (القوة المرجعية). شارك المعلومات بشفافية واستمع بفعالية لفريقك .

هل استخدام القوة القسرية (العقاب) سيء دائمًا؟

بشكل عام، هي الأقل فعالية وتضر بالعلاقات. ومع ذلك، قد تكون ضرورية كملاذ أخير في حالات انتهاك السلامة أو الأخلاقيات الجسيمة التي لا يمكن التسامح معها .

كيف أحفز فريقًا غير متحمس؟

استخدم المناشدات الملهمة لربط عملهم برؤية أكبر وقيم مشتركة. أشركهم في اتخاذ القرار (التشاور)، وقدم التقدير والمكافآت الهادفة، والأهم من ذلك، كن قدوة لهم من خلال حماسك والتزامك.

ما أهم مهارة قيادية يجب أن أطورها؟

مهارات التواصل الفعال هي حجر الأساس. تشمل القدرة على الاستماع بفعالية، وتقديم التغذية الراجعة البناءة، وتوصيل الرؤية بوضوح وإلهام. بدون تواصل فعال، تفقد كل أدوات القوة والتأثير فعاليتها.
إظهار التعليقاتإغلاق التعليقات

اترك تعليقا